أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك. والسّاجدون : هم الأنبياء (١).
وقال عطاء عن ابن عباس : أراد : وتقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبي حتى أخرجك في هذه الأمة (٢). (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) السميع لما تقوله ، العليم بما تنويه.
قوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ)(٢٢٣)
قوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) الآية. أعاد الشبهة المتقدمة وأجاب عنها من وجهين :
الأول : قوله : (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) كما تقدم من أنّ الكفار يدعون إلى طاعة الشيطان ، ومحمد يدعو إلى لعن الشيطان والبراءة منه.
والثاني : قوله : (يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) ومعناه : أنهم كانوا يقيسون حال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على حال الكهنة (فكأنه قيل : إن كان الأمر على ما ذكرتم فكما أن الغالب على سائر الكهنة الكذب ، فيجب أن تكون حال الرسول كذلك ، فلما لم يظهر في إخبار الرسول عن المغيبات إلا الصدق علمنا أنّ حاله بخلاف حال الكهنة) (٣)(٤).
قوله : (عَلى مَنْ) متعلق ب «تنزّل» بعده. وإنما قدّم ، لأنّ له صدر الكلام ، وهو معلق لما قبله من فعل التّنبئة ، لأنها بمعنى العلم.
ويجوز أن تكون هنا متعدية لاثنين ، فتسد الجملة المشتملة على الاستفهام مسدّ الثاني ، لأنّ الأول (٥) ضمير المخاطبين. وأن تكون متعدية لثلاثة فتسد مسدّ اثنين (٦).
وقرأ البزّيّ : «على من تنزل الشياطين تنزل» بتشديد التاء من «تنزل» في الموضعين (٧) والأصل (٨) : «تتنزّل» بتاءين فأدغم ، والإدغام في الثاني سهل ، لتحرك ما قبل المدغم ، وفي الأول صعوبة لسكون ما قبله وهو نون «من». وتقدم تحقيق هذا في البقرة عند قوله : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ).
قوله : «يلقون». يجوز أن يعود الضمير على «الشّياطين» فيجوز أن تكون الجملة من «يلقون» حالا ، وأن تكون مستأنفة (٩). ومعنى إلقائهم السمع : إنصاتهم إلى الملأ الأعلى ليسترقوا شيئا ، أو يلقون الشيء المسموع إلى الكهنة (١٠).
__________________
(١) انظر البغوي ٦ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٢) انظر البغوي ٦ / ٢٥١.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٤.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) في ب : الأولين. وهو تحريف.
(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٨.
(٧) انظر الإتحاف (٣٣٤).
(٨) في ب : وإلا. وهو تحريف.
(٩) انظر الكشاف ٣ / ١٣٠.
(١٠) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٨.