ويكون الاعتراض بالصفة مجازا من حيث إنه فاصل في الصورة (١).
قوله : «يزيد» مستأنف (٢). و «ما يشاء» هو المفعول الثاني للزّيادة. والأول لم يقصد فهو محذوف اقتصارا لأن قوله في الخلق يغني عنه (٣).
فصل
قال قتادة ومقاتل : أولي أجنحة بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة ، وبعضهم له أجنحة يزيد فيها ما يشاء وهو قوله : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ)(٤) قال (عبد الله) (٥) بن مسعود في قوله عزوجل : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) [النجم : ١٨]. قال : رأى جبريل في صورته له ستّمائة جناح. «قال ابن شهاب في قوله : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) قال : حسن الصوت (٦). وعن قتادة : هو الملاحة في العينين (٧). وقيل : هو العقل والتمييز (٨)(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
قوله : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) لما بين كمال القدرة ذكر بيان نفوذ المشيئة ونفاذ الأمر وقال : (ما يَفْتَحِ اللهُ) يعني (٩) إن رحم الله فلا مانع له وإن لم يرحم فلا باعث له عليها. وفي الآية دليل على سبق الرحمة الغضب (١٠) من وجوه :
أحدها : التقديم حيث قدم بيان فتح أبواب الرحمة في الذكر.
وثانيها : أنه أنّث الكناية فقال : (فَلا مُمْسِكَ لَها). ويجوز من حيث العربية أن يقال : «له» عودا إلى «ما» ولكن قال الله تعالى ذلك ليعلم أن المفتوح أبواب الرحمة فهي واصلة إلى من رحمته وقال عند الإمساك : (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ) بالتذكير ولم يقل «لها» فلم يصرح بأنه لا مرسل للرحمة بل ذكره بلفظ يحتمل أن يكون الذي يرسل هو غير الرحمة ، فإن قوله (تعالى) (١١) : (وَما يُمْسِكْ) عامّ من غير بيان وتخصيص.
وثالثها : قوله من بعده أي من بعد الله فاستثنى ههنا وقال : «لامرسل له إلا الله» وعند الإمساك قال : (فَلا مُمْسِكَ لَها) ولم يقل غير الله لأن الرحمة إذا جاءت لا ترتفع فإن من رحمهالله في الآخرة لا يعذبه بعدها هو ولا غيره ومن يعذبه الله قد يرحمهالله بعد العذاب كالفساق من أهل الإيمان (١٢).
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٤٦٢ و ٤٦٣.
(٢) التبيان ١٠٧٢.
(٣) الدر المصون ٤ / ٤٦٣.
(٤) نقله القرطبي في الجامع ١٤ / ٣١٩ وابن الجوزي في الزاد ٦ / ٤٧٣ ، والبغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٩٦.
(٥) زيادة من «أ» وسقط من «ب».
(٦) وهو رأي ابن جريج أيضا زاد المسير ٦ / ٤٧٣.
(٧) السابق.
(٨) تفسير البغوي ٥ / ٢٩٧.
(٩) في «ب» بمعنى.
(١٠) في «ب» سبق رحمته غضبه.
(١١) زيادة من «أ».
(١٢) وانظر في هذا كله تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ٣ و ٤.