والثاني : أنه محذوف تقديره : «لكم» ونحوه (١) ، وفي «يرزقكم» على هذا وجهان :
أحدهما : أنه صفة أيضا لخلق فيجوز أن يحكم على موضعه بالجر اعتبارا باللفظ وبالرفع اعتبارا بالموضع (٢).
والثّاني : أنه مستأنف (٣). وقرأ الباقون بالرفع وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه خبر المبتدأ (٤).
والثاني : أنه صفة لخالق على الموضع (٥) والخبر إما محذوف وإما «يرزقكم».
والثالث : أنه مرفوع باسم الفاعل على جهة الفاعلية لأن اسم الفاعل قد اعتمد على أداة الاستفهام (٦) إلّا أن أبا حيان توقف في مثل هذا من حيث إن اسم الفاعل وإن اعتمد إلا أنه لم يحفظ (فيه) (٧) زيادة «من» قال : فيحتاج مثله إلى سماع (٨). ولا يظهر التوقف فإن شروط الزيادة والعمل موجودة ، وعلى هذا الوجه «فيرزقكم» إما صفة أو مستأنف (٩). وجعل أبو حيان استئنافه أولى ، قال: لانتفاء صدق «خالق» على غير الله بخلاف كونه صفة فإن الصفة تقيّد فيكون ثمّ خالق غير الله لكنه ليس برازق (١٠). وقرأ الفضل بن إبراهيم النحويّ (١١) «غير» بالنصب (١٢) على الاستثناء والخبر «يرزقكم» أو محذوف و «يرزقكم» مستأنفة أو صفة (١٣).
فصل
قال المفسرون : هذا استفهام على طريق التنكير كأنه قال : لا خالق غير الله يرزقكم
__________________
(١) قاله في البحر ٧ / ٣٠٠ والتبيان ١٠٧٣ والكشاف ٣ / ٢٩٩.
(٢) البحر ٧ / ٣٠٠ والكشاف ٣ / ٢٩٩ والدر ٤ / ٣٦٣ والتبيان لأبي البقاء العكبري ١٠٧٣ والبيان لابن الأنباري ٢ / ٢٨٦ ومشكل إعراب مكي ٢ / ٢١٤.
(٣) المراجع السابقة.
(٤) ذكره أبو حيان في بحره ٧ / ٣٠٠ وكذلك السمين في الدّر ٤ / ٤٦٣.
(٥) البحر المحيط والدر السابقان والكشاف ٣ / ٢٩٩ والتبيان ١٠٧٣ والبيان ٢ / ٢٨٦ ومشكل الإعراب لمكي ٢ / ٢١٤ والقرطبي ١٤ / ٣٢١.
(٦) المراجع السابقة عدا القرطبي والكشاف.
(٧) سقط من «ب».
(٨) بالمعنى من البحر ٧ / ٣٠٠ والكشاف ٣ / ٢٩٩ قال : «فإن قلت : هل فيه دليل على أن الخالق لا يطلق على غير الله تعالى؟ قلت : نعم إن جعلت «يرزقكم» كلاما مبتدأ وهو الوجه الثالث وأما على الوجهين الآخرين وهما الوصف والتفسير فقد تقيد فيهما بالرزق من السماء والأرض».
(٩ و ١٠) السابق.
(١١) الكوفي روى عن الكسائي وعنه عبيد الله بن الآملي. غاية النهاية ٢ / ٨.
(١٢) ذكرها في المختصر ١٢٣.
(١٣) الكشاف ٣ / ٢٩٩ ومعاني الفراء ٢ / ٦٦ والقرطبي ١٤ / ٣٢١ والبيان ٢ / ٢٨٦ والمشكل ٢ / ٢١٤ ومعاني الزجاج ٤ / ٢٦٢.