اللؤلؤ من ذلك. وقرىء (١)(الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) أي ماخرات تمخر البحر بالجريان أي تشقّ جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بالتجارة (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على نعمه وهذا يدل على أن المراد من الآية الاستدلال بالبحرين وما فيهما على وجود الله ووحدانيته وكمال قدرته(٢).
قوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) وهذا استدلال آخر باختلاف الأزمنة وقوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) جواب لسؤال يذكره المشركون وهو أنهم قالوا اختلاف الليل والنهار بسبب اختلاف القسيّ الواقعة فوق (٣) الأرض وتحتها فإن في الصيف تكون الشمس على سمت الرّؤوس في بعض البلاد المائلة الآفاق (٤) وحركة الشمس هناك مائلة فتقع تحت الأرض أقل من نصف دائرة فيقل زمان مكثها تحت الأرض فيقصر الليل وفي الشتاء بالضّدّ فيقصر النهار فقال الله تعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) يعني سبب (٥) الاختلاف وإن كان ما ذكرتم لكن سير الشمس والقمر بإرادة الله وقدرته فهو الذي فعل ذلك (٦)(كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى).
قوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) ذلكم مبتدأ و «الله» خبره و «ربكم» خبر ثان (٧) أو نعت (٨) لله. وقال الزمخشري : ويجوز في حكم الإعراب إيقاع اسم الله صفة لاسم الإشارة أو عطف بيان و «ربكم» خبر لو لا أن المعنى يأباه (٩). ورده أبو حيان بأن «الله» علم لا جنس فلا يوصف به (١٠). ورد قوله إنّ المعنى يأباه قال : لأنه يكون قد أخبر عن المشار إليه بتلك الصفات (١١) أنه مالككم ومصلحكم.
فصل
المعنى ذلك الذي فعل هذه الأشياء من فطر السّموات والأرض وإرسال الأرواح وخلق الإنسان من تراب وغير ذلك له الملك كله فلا معبود إلا هو فإذا كان له الملك كله فله العبادة كلها. ثم بين ما ينافي صفة الإلهية فقال : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) يعني الأصنام (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ)(١٢).
__________________
(١) الأصح : «وترى» لا قرىء كما في الرازي و «ب».
(٢) وانظر في هذا التفسير الكبير للرازي ٢٦ / ١١. وانظر اللّغة في اللسان لابن منظور م. ل. ج.
(٣) في «ب» في الأرض تحريف.
(٤) وفيها : إلى الآفاق وفي الرازي : في الآفاق.
(٥) في «ب» بسبب.
(٦) نقله الإمام الفخر الرازي في تفسيره ٢٦ / ١١ و ١٢.
(٧) نقله أبو حيان في البحر ٧ / ٣٠٥ والسمين في الدر ٤ / ٤٧١.
(٨) الدر المصون المرجع السابق وانظر في الأخبار المترادفة الكشاف ٣ / ٣٠٤.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) البحر المحيط ٧ / ٣٠٥.
(١١) «والأفعال المذكورة أي مالككم أو مصلحكم» قال : «وهذا معنى لائق» البحر ٧ / ٣٠٥.
(١٢) نقله الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٢.