بِشِرْكِكُمْ) أي بإشراككم بالله (١) غيره وهذا مصدر مضاف لفاعله ثم قال : (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) يعني نفسه أي لا ينبئك أحد مثل خبير عالم بالأشياء وهذا الخطاب يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون خطابا للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ووجهه أن الله تعالى لما أخبر أن (٢) الخشب والحجر يوم القيامة ينطق ويكذب عابده وذلك ما لا يعلم بالعقل المجرد لو لا إخبار الله تعالى عنه بقوله : «إنهم يكفرون بهم يوم القيامة» فهذا القول مع كون (٣) المخبر عنه أمرا عجيبا قال إن المخبر عنه خبير.
والثاني : أن ذلك الخطاب غير مختص بأحد أي هذا الذي ذكر هو كما ذكر ولا ينبئك أيّها السّامع كائنا من كنت مثل خبير.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ)(٢٣)
قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) (أي) إلى فضل الله. والفقير هو المحتاج (وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عن خلقه «الحميد» أي المحمود في إحسانه إليهم. واعلم أنه لما كثر الدعاء من النبي ـ عليهالسلام ـ والإصرار من الكفار قالوا إن الله لعله محتاج إلى عبادتنا حتى يأمرنا بها أمرا بالغا ويهددنا على تركها مبالغا فقال الله : (أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ) فلا يأمركم بالعبادة لاحتياجه إليكم وإنما هو لإشفاقه عليكم (٤).
فصل
التعريف في الخبر قليل والأكثر أن يكون الخبر نكرة والمبتدأ معرفة لأن المخبر لا يخبر في الأكثر إلا بأمر يعلمه المخبر أو في ظن المتكلم أن السامع لا علم له به ثم إنّ المبتدأ لا بدّ وأن يكون معلوما عند السامع حتى يقول له : أيها السامع الأمر الذي تعرفه ثبت له قيام لا علم عندك به فإن الخبر معلوم عند السامع والمبتدأ كذلك ويقع الخبر
__________________
(١) في «ب» والله على القسم وهذا غير مراد.
(٢) في «ب» بأن بزيادة الباء على «أن».
(٣) في «ب» كونه تحريف.
(٤) كله تلخيص من تفسير الإمام الفخر التفسير الكبير ٢٦ / ١٢ و ١٣.