المؤمنون (١) الذين آمنوا بما أنزل الله والأموات الذين تليت عليهم الآيات البينات ولم ينتفعوا بها وهؤلاء كانوا بعد الإيمان (٢) من آمن فأخرهم عن المؤمنين لوجود حياة المؤمنين قبل ممات الكافرين المعاندين. وقدم الأعمى على البصير لوجود الكفار الضالّين قبل البعثة (٣) على المؤمنين المهتدين بها.
فصل
قال المفسرون : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (يعني) (٤) الجاهل والعالم. وقيل الأعمى عن الهدى والبصير بالهدى أي المؤمن والمشرك (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) يعني (٥) الكفر والإيمان (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) يعني الجنة والنار (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) يعني المؤمنين والكفار. وقيل : العلماء والجهال. (إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ) حتى يتعظ ويجيب (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) يعني الكفار شبههم بالأموات في القبور حين لم يجيبوا (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) ما أنت إلا منذر فخوّفهم بالنار(٦).
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ)(٢٦)
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) لما قال : إن أنت إلا نذير بين أنه ليس نذيرا من تلقاء نفسه إنما هو نذير بإذن الله تعالى وإرساله (٧).
قوله : «بالحقّ» يجوز فيه أوجه :
أحدها : أنه حال من الفاعل أي أرسلناك محقّين. أو من المفعول أي محقّا أو نعت لمصدر محذوف أي إرسالا ملتبسا بالحق. أو متعلق ببشير (٨) ، ونذير ، قال الزمخشري : بشيرا بالوعد (٩) ونذيرا بالوعيد الحق.
قال أبو حيان : ولا يمكن أن يتعلق «بالحق» هذا ببشيرا ونذيرا معا بل ينبغي أن
__________________
(١) المثبت في النسختين : المؤمنين تحريف والصواب ما أثبت.
(٢) في الفخر : بعد إيمان من آمن.
(٣) في «ب» البعث. بدون تاء.
(٤) سقط من «ب».
(٥) في «ب» أي الكفر.
(٦) انظر في هذا معالم التنزيل للبغوي ولباب التأويل للخازن ٥ / ٣٠٠ و ٣٠١.
(٧) هكذا كلام الفخر الرازي في التفسير الكبير ٢٦ / ١٨.
(٨) قال بكل هذه الأوجه الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٠٦ وأبو حيان في البحر ٧ / ٣٠٩ والسمين في الدر ٤ / ٤٧٦.
(٩) الكشّاف المرجع السابق لكنه عبر عن التعلق «بَشِيراً وَنَذِيراً» بالصلة فقال : «أو صلة لبشيرا ونذيرا الخ ..» المرجع السابق.