عهد في الجمل لا في المفردات إلا في باب البدل وعطف البيان فبأي شيء يسميه؟ والأولى فيه أن يسمى توكيدا لفظيا إذ الأصل سود غرابيب سود (١).
قوله : (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) «مختلف» نعت لمنعوت محذوف هو مبتدأ والجار قبله خبره أي ومن النّاس صنف أو نوع مختلف (٢) ولذلك عمل اسم الفاعل كقوله :
٤١٦١ ـ كناطح صخرة يوما ليفلقها |
|
..........(٣) |
وقرأ ابن السّميقع ألوانها (٤). وهو ظاهر. وقرأ الزهري (٥)(وَالدَّوَابِّ) خفيفة الباء (٦) هربا من التقاء ساكنين (٧) كما حرك أولهما في الضّالين (٨) وجانّ.
فصل
قال ابن الخطيب في هذه الآية لطائف الأولى : قوله : «أنزل» وقال : «أخرجنا» وفائدته أن قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) فإن كان جاهلا يقول نزول الماء بالطبع لثقله فيقال له فالإخراج لا يمكنك أن تقول فيه إنه بالطبع فهو بإرادة الله فلما كان ذلك أظهر أسنده إلى المتكلم. وأيضا فإن الله تعالى لما قال إن الله أنزل علم الله بالدليل وقرب التفكر فيه إلى الله فصار من الحاضرين فقال : أخرجنا ، لقربه وأيضا فالإخراج أتم نعمة من الإنزال ، لأن الإنزال لفائدة الإخراج فأسند (تعالى) (٩) الأتمّ إلى نفسه بصيغة المتكلم وما دونه بصيغة المخاطب الغائب. الثانية : قال تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ) كأنّ قائلا قال : اختلاف الثمرات لاختلاف البقاع ألا ترى أن بعض
__________________
(١) كقولنا : جاء جاء عليّ نفسه.
(٢) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٠٧ ومكي في المشكل ٢ / ٣١٦ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٨٨.
(٣) صدر بيت من البسيط للأعشى وعجزه : فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
ويروى : ليوهنها. والوعل : التيس الجبلي. وهو يتحدث عن إنسان مغرض له ويشبهه بعدم نيل غرضه كالوعل الناطح.
والشاهد : «كناطح» فإن الأصل كوعل ناطح ، فحذف الموصوف وحلت الصفة مقام المحذوف بدليل عملها أي الصفة عمل فعلها. وقد تقدم.
(٤) البحر المحيط ٧ / ٣١١ ، والكشاف ٣ / ٣٠٧ ، وهي شاذة.
(٥) في «ب» الزهوي ، تحريف.
(٦) ذكرها أبو الفتح في المحتسب ٢ / ٧٦ و ٢٠٠ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٠٧ بدون نسبة.
(٧) الكشاف والبحر ٧ / ٣١٢.
(٨) فقد همزت وقرىء : «وَلَا الضَّالِّينَ» هروبا من الساكنين كما قال : وتحكى عن أيوب السختياني.
وحكاها أبو زيد عن عمرو بن عبيد في قوله : (وَلا جَانٌّ) من سورة الرحمن والفاتحة. وانظر : مختصر ابن خالويه ١ / ١٤٩ و ١٥٠.
(٩) زيادة عن «أ» والفخر الرازي.