٤١٠٧ ـ .......... |
|
نجوت وأرهنهم مالكا (١) |
وهو قليل جدا ، ثم قال : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) وهاتان الصفتان يفيدان الرهبة والرغبة فالعزيز يفيد التخويف والانتقام من المكذّب والحميد يفيد الترغيب في الرحمة للمصدق.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (٨) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)(٩)
قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) لما بين حالة المكذب بالساعة ورد عليه بقوله: (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) ثم بين ما يكون بعد إتيانها من جزاء المؤمن على عمله الصالح وجزاء الساعي في تكذيب الآيات بالتعذيب على السيئات وبين حال الكافر والمؤمن بعد قوله عليه (الصلاة (٢) و) السلام ـ (بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) فقال المؤمن الذي أنزل إليك من ربّك الحق وهو يهدي وقال الكافر المنكر للبعث متعجبا : (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ) يخبركم يعنون محمدا صلىاللهعليهوسلم ـ وهذا كقول القائل في الاستبعاد : جاء رجل يقول : إنّ الشمس تطلع من المغرب ؛ إلى غير ذلك من المحاولات (٣).
فصل
إذا مزّقتم «إذا» منصوب بمقدر أي تبعثون وتحشرون وقت تمزيقكم لدلالة : (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) عليه ولا يجوز أن يكون العامل «ينبّئكم» لأن التنبئة لم تقع ذلك الوقت ولا (خَلْقٍ جَدِيدٍ) لأن ما بعد «إنّ» لا يعمل فيما قبلها (٤). ومن توسع في الظرف أجازه
__________________
(١) هذا عجز بيت من المتقارب أنشده صاحب اللسان لهمام بن مرة بينما نسبه الجوهري لعبد الله بن همام السلولي وصدره :
فلمّا خشيت أظافيرهم |
|
.......... |
وقد روي البيت : «بأرهنهم» و : «أرهنتهم» وأنكر بعضهم الرواية الأخيرة ، وانظر : اللسان : «رهن» والصّحاح للجوهري. وقال ثعلب : الرواة كلهم على أرهنتهم. والشاهد «وأرهنهم» حيث هو خبر لمبتدأ محذوف والجملة حالية وحتى تكون في حاليتها تلك يتحتم علينا أن نقدر أحد جزئيها وهو المبتدأ كقولهم : قمت وأصكّ عينه أي وأنا أصكّ. وقد تقدم.
(٢) سقط من «ب».
(٣) انظر : تفسير الرازي ٢٥ / ٢٤٣.
(٤) قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٧٥ ومكي في المشكل ٢ / ٢٠٣ والزجاج في «معاني القرآن وإعرابه» ٤ / ٢٤١ والنحاس في تفسيره إعراب القرآن ٤ / ٣٣٣.