البقرة (١) والنحل (٢). والمعنى واضرب لأجلهم مثلا ، أو اضرب (٣) لأجل نفسك أصحاب القرية لهم مثلا أي مثلهم عند نفسك بأصحاب القرية. فعلى الأول لمّا قال تعالى : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) عا من الرسل بل (قبلي) (٤) بقليل جاء أصحاب القرية مرسلون وأنذروهم بما أنذرتكم وذكروا التوحيد وخوفوا بالقيامة وبشروا بنعيم دار الإقامة. وعلى الثاني لما قال تعالى : إن الإنذار لا ينفع من أضله الله وكتب عليه أنه لا يؤمن قال للنبي عليه (الصلاة و) السلام : فلا بأس واضرب لنفسك ولقومك (مثلا) (٥) أي مثّل لهم عند نفسك مثلا بأصحاب القرية ، حيث جاءهم ثلاثة رسل فلم يؤمنوا ، وصبر الرسل على القتل والإيذاء وأنت جئتهم واحدا وقومك أكثر من قوم الثلاثة ، فإنهم جاءوا قرية وأنت بعثت إلى العالم.
قوله : (أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) أي واضرب لهم مثلا (مثل) (٦) أصحاب القرية ، فترك «المثل» وأقيم «الأصحاب» مقامه في الإعراب كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
قال الزمخشري (٧) : وقيل : لا حاجة إلى الإضمار بل المعنى اجعل أصحاب القرية لهم مثلا أو مثل أصحاب القرية بهم (٨). قال المفسرون : المراد بالقرية أنطاكية.
قوله : (إِذْ جاءَهَا) بدل اشتمال. قال الزمخشري : «إذ» منصوبة لأنها بدل من أصحاب القرية كأنه تعالى قال : واضرب لهم وقت مجيء المرسلين ومثل ذلك الوقت بوقت محمّد (٩).
وقيل : منصوب بقوله : «اضرب» (١٠) أي اجعل الضرب كأنه حين مجيئهم وواقع
__________________
(١) عند قوله تعالى : «إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً» الآية ٢٦ من سورة «البقرة».
(٢) عند : «ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً» «وضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ» الآيتين ٧٤ و ٧٥ من سورة «النحل».
(٣) الرازي ٢٦ / ٥٠ : ف «مثلا» مفعول أول و «أصحاب القرية» مفعول ثان ... ويجوز أن يكون «أصحاب القرية» بدلا من «مثلا» والتقدير واضرب لهم مثلا مثل أصحاب. انظر : البيان ٢ / ٩٢ والتبيان ١٠٧٩ والمشكل ٢ / ٢٣ والمختار الأول.
(٤) سقط من «ب».
(٥) كذلك.
(٦) سقط كذلك من «ب».
(٧) الكشاف ٣ / ٣١٧ ، فيكون الثاني بيانا أو بدلا من الأول. وهذا الرأي قاله مكي أيضا في مشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٢٣ والأنباري في البيان ٢ / ٢٩٢ وأبو البقاء في التبيان ١٠٧٩ ومفهوم من كلام الزجاج في معاني القرآن ٤ / ٢٨١ كما ذكره أبو جعفر النحاس في الإعراب ٤ / ٣٨٧ وعلى هذا «ضرب» بمعنى ذكر.
(٨) رجحه مكي قال : هو الأحسن انظر : مشكل إعراب القرآن له ٢ / ٢٢٣ والدر المصون ٤ / ٤٩٩ والرازي ٢٦ / ٥٠ والبيان ٢ / ٢٩٢ والتبيان ١٠٧٩.
(٩) الكشاف ٣ / ٣١٧.
(١٠) هو قول الرازي في المرجع السابق ٢٦ / ٥٠.