فيه. والمرسلون من قوم عيسى وهم أقرب مرسل أرسل إلى قوم إلى زمان محمد ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ وهم ثلاثة.
قوله : (إِذْ أَرْسَلْنا) بدل من «إذ» الأولى (١) ، كأنه قال : اضرب لهم مثلا إذ أرسلنا إلى أصحاب القرية اثنين. قال ابن الخطيب : والأصح الأوضح أن يكون «إذ» ظرفا والفعل الواقع فيه «جاءها» ، أي جاءها المرسلون حين أرسلناهم إليهم (٢).
وإنما جاءوهم حيث أمروا. وهذا فيه لطيفة أخرى وهي أن في القصة أن الرسل كانوا مبعوثين من جهة عيسى ـ عليه (الصلاة (٣) و) السلام ـ أرسلهم إلى أنطاكية فقال تعالى : إرسال عيسى (ـ عليه (٤) السلام ـ) هو إرسالنا رسول رسول الله بإذن الله فلا يقع لك يا محمد أن أولئك كانوا رسل الرسل وإنما هم رسل الله ، فإن تكذيبهم كتكذيبك فتتم التسلية بقوله : (إِذْ أَرْسَلْنا). ويؤيد هذا مسألة فقهيّة وهي أن وكيل الوكيل بإذن الموكل وكيل الموكّل لا وكيل الوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل إياه وينعزل إذا عزله الموكل (الأول) (٥). وهذا على (٦) قولنا : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) ضرب المثل لأجل محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ظاهر وقوله : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) في بعثة (٧) الاثنين حكمة بالغة وهي أنهما (٨) كانا مبعوثين (٩) من جهة عيسى عليه (الصلاة (١٠) و) السلام ـ (بإذن الله فكان عليهما إنهاء الأمر إلى عيسى عليه الصلاة والسلام) (١١) فهو بشر فأمره الله بإرسال اثنين ليكون قولهما على قومهما عند عيسى حجّة تامّة (١٢).
فصل
قال ابن كثير : وروى ابن إسحاق عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبّه وروي عن بريدة بن الحصيب وعكرمة وقتادة والزهري أن هذه القرية أنطاكية وكان اسم ملكها انطيخش ، وكان يعبد الأصنام فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل وهم صادق وصدوق وسلوم فكذبهم وهذا ظاهر (ه) (١٣) أنهم رسل الله ـ عزوجل ـ وزعم قتادة أنهم كانوا رسلا من عند المسيح وكان (١٤) اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنّا واسم الثالث
__________________
(١) التبيان ١٠٧٩ والرازي ٢٦ / ٥١ والسمين ٤ / ١٩.
(٢) فيه أي لم يكن مجيئهم من تلقاء أنفسهم وإنما ... الخ ... وانظر الرازي ٢٦ / ٥٠.
(٣) زيادة من «ب».
(٤) سقط من «ب».
(٥) سقط من «ب».
(٦) في «ب» وعلى هذا قولنا.
(٧) في «ب» بعثته.
(٨) وفيها : إنما.
(٩) وفيها : كانوا.
(١٠) زيادة من «ب».
(١١) ما بين القوسين كله على العكس ساقط من «ب».
(١٢) انظر : تفسير الرازي ٢٦ / ٥١.
(١٣) الهاء زيادة من «أ» الأصل.
(١٤) في «ب» وأنّ اسم الرسولين الأولين بلفظ «أن». وانظر : تفسير الحافظ ابن كثير ٣ / ٥٦٦ و ٥٦٧.