وقرأ الحسن وأبو جعفر وأبو رجاء والأصمعيّ (١) عن نافع ذكرتم بتخفيف الكاف (٢).
فصل
قوله : (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) جواب عن قوله : (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) أي أتفعلون بنا ذلك وإن ذكرتم أي وعظتم بالله وبين لكم الأمر بالمعجز والبرهان (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) مشركون مجاوزون (٣) حيث تجعلون ما يتبرّك به يتشاءم به وتقصدون إيلام من يجب إكرامه ، أو مسرفون حيث تكفرون ثم تصرّون (٤) بعد ظهور الحق بالمعجزة والبرهان.
فإن قيل : (بل) (٥) للإضراب فما (الأمر) المضروب عنه؟.
فالجواب : يحتمل أن يقال قوله : أئن ذكّرتم وارد على تكذيبهم فإنهم قالوا : نحن كاذبون وإن جئتنا بالبرهان لا بل قوم مسرفون. ويحتمل أن يقال : أنحن مشؤومون وإن جئنا ببيان صحة ما نحن عليه لا بل أنتم قوم مسرفون. ويحتمل أن يقال : أنحن (٦) مستحقون الرجم والإيلام وإن بينا صحّة ما أتينا به لا بل أنتم قوم مسرفون (٧).
فصل
ذكر المفسرون أن عيسى ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ بعث رجلين إلى أهل أنطاكية فدعوا إلى توحيد الله وأظهرا المعجزة من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى فحبسهم الملك فأرسل (٨) بعدهما شمعون ، فأتى الملك ، ولم يدع الرسالة وقرب نفسه من الملك بحسن التدبير ، ثم قال : إني أسمع (أنّ) (٩) في الحبس رجلين يدّعيا (ن) (١٠) أمرا بديعا أفلا يحضران نسمع كلامهما؟ فقال الملك : بلى فأحضرا وذكرا مقالتهما الحقّة فقال شمعون : وهل لكما بيّنة؟ قالا : نعم فأبرءا الأكمه والأبرص وأحييا(١١) الموتى. فقال شمعون : يا أيها الملك : إن شئت أن تغلبهم فقل للآلهة التي تعبدونها تفعل شيئا من ذلك فقال له الملك أنت لا يخفى عليك أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تعلم فقال شمعون : فإذن (١٢) ظهر لي الحق من جانبهم فآمن الملك (وقوم) (١٣) وكفر آخرون. وكانت الغلبة للمكذبين (١٤).
__________________
(١) تقدم.
(٢) الدر المصون ٤ / ٥٠٢.
(٣) نقل القرطبي لها في الجامع عدة معان من ضمن هذه المعاني ما ذكره أعلى انظر : القرطبي ١٥ / ١٧ والرازي ٢٦ / ٥٤.
(٤) في (ب) تصرفون.
(٥) ما بين الأقواس ساقط من «ب».
(٦) في «ب» إنكم تحريف.
(٧) الرازي ٢٦ / ٥٣ و ٥٤.
(٨) في «ب» وأرسل.
(٩) ساقط من «ب».
(١٠) النون ساقطة من «ب».
(١١) في «ب» وأحيا بياء واحدة. تحريف.
(١٢) رسمت في «ب» فإذا.
(١٣) سقطت من «ب».
(١٤) الرازي ٢٦ / ٥٣ و ٥٤.