قدرتنا ، أو محيطا (١) بهم فيعلموا أنّهم حيث كانوا فإنّ أرضي وسمائي محيطة بهم لا يخرجون من أقطارها وأنا القادر عليهم (٢).
قوله : «إن نشأ» قرأ الأخوان يشأ يخسف يسقط بالياء في الثلاثة (٣) ، والباقون بنون العظمة فيها ، وهما واضحتان ، وأدغم الكسائي الفاء في الباء (٤) واستضعفها الناس من حيث أدغم الأقوى في الأضعف (٥) ، قال الفارسي : وذلك لا يجوز لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء فلا يدغم (٦) فيها وإن كانت الباء يدغم (٧) فيها نحو : اضرب فلانا كما تدغم الباء في الميم كقولك : اضرب مالكا وإن كانت الميم لا تدغم في الباء نحو : اضمم بكرا ؛ لأن (٨) الباء انحطت عن الميم بفقد الغنّة (٩) ، وقال الزمخشري : وليست بالقوية (١٠) ، وهذا لا ينبغي لأنها تواترت(١١).
فصل
لما ذكر الدليل بكونه عالم الغيب وكونه جازيا على السّيّئات والحسنات ذكر دليلا آخر فيه التهديد والتوحيد فأما دليل التوحيد فذكره السماء والأرض فإنهما يدلان على الوحدانية كما تقدم مرارا ويدلان على الحشر والإعادة لأنهما يدلان على كمال القدرة بقوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى) [يس : ٨١] وأما التهديد فقوله : (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) أي نجعل عين نافعهم ضارهم بالحق (١٢) والكشف ثم قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ) أي فيما يرون من السماء والأرض آية تدل على قدرتنا على البعث (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) تائب
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٤١٥.
(٢) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٨٢.
(٣) وهي قراءة عيسى والأعمش وابن وثاب أيضا انظر البحر ٧ / ٢٦٠ والإتحاف ٣٥٧ والسبعة ٥٢٧ والقرطبي ١٤ / ٢٦٤ والكشاف ٣ / ٢٨١ والكشف ٢ / ٢٠٢.
(٤) ذكر ذلك ابن مجاهد في السبعة ٥٢٧ والبناء في الإتحاف ٢٥٧ وأبو حيان في البحر ٧ / ٢٦٠.
(٥) الدر المصون ٤ / ٤١٥ ومن هؤلاء الناس كما أخبر هو أعلى الزمخشري والفارسي في كتابيهما الكشاف والحجة.
(٦) في «ب» فلا تدغم بالتاء يقصد الباء.
(٧) وفيها أيضا تدغم.
(٨) في «ب» إلا أن.
(٩) قال بذلك الفارسيّ في الحجة مع اختلاف طفيف في عبارته. الحجة ٦ / ١٦٤ ، و ١٦٥ وأبو حيان في البحر ٧ / ٢٦٠.
(١٠) الكشاف ٣ / ٢٨١.
(١١) ردّ صحيح من المؤلف لأن القراءة سنة متبعة ويوجد فيها الفصيح والأفصح كما يقول أبو حيان وقد أجازها أبو البقاء في التبيان قال «والإدغام جائز ، لأن الفاء والباء متقاربان» البحر المحيط ٧ / ٢٦٢.
(١٢) الأصح كما في الفخر الرازي بالخسف.