و «كل» مبتدأ و «جميع» خبره و «محضرون» خبر ثان لا يختلف ذلك سواء شددت «لما» أم خففتها (١) ، لا يقال : إن جميعا تأكيد لا خبر (لأن) (٢) «جميعها» هنا فعيل بمعنى مفعول أي مجموعون فكل يدل على الإحاطة والشمول وجميع يدل على الاجتماع فمعناها حمل على لفظها (٣) ، كما في قوله : (جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) [القمر : ٤٤] وقدم «جميع» في الموضعين لأجل الفواصل (٤) و «لدينا» متعلق «بمحضرون» (٥). فمن شدد (٦) «فلما» بمعنى إلا وإن نافية كما تقدم والتقدير : وما كلّ إلّا جميع (٧) ، ومن خفّف «فإن» مخففة (من الثقيلة) واللام فارقة وما مزيدة (٨). هذا قول البصريين (٩) والكوفيون يقولون : إنّ «إن» نافية واللام بمعنى (١٠) إلا كما تقدم مرارا.
فصل
لما بين الإهلاك (١١) بين أن من أهلكه ليس بتارك له بل بعده جمع وحبس وحساب وعقاب ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة ونعم ما قال القائل :
٤١٧٩ ـ ولو أنّا إذا ما متنا تركنا |
|
لكان الموت راحة كلّ حيّ |
__________________
ـ أحدهما : أن تكون مخففة من الثقيلة ويأتي في «لما» تلك الأوجه.
والثاني : أن تكون إن نافية و «كل» مفعول بإضمار أرى وما بمعنى إلا. وقد قال الفراء : «وأما من شدد لما فإنه ـ والله أعلم ـ أراد لمن ما ليوفينهم ـ هود آية ١١١ ـ فلما اجتمعت ثلاث ميمات حذفت واحدة فبقيت اثنتان» المعاني ٢ / ٢٩ ، وقال في تلك السورة : «وإن كلّ لمن ما جميع ثم حذفت إحدى الميمات لكثرتها». المعاني ٢ / ٣٧٧.
(١) قاله السمين في الدر ٤ / ٥١٣.
(٢) سقط من نسخة «ب».
(٣) هذا قول الزمخشري في الكشاف مع تغيير في بعض الكلم بالزيادة والتوضيح ٣٠٠ / ٣٢١.
(٤) البحر المحيط ٧ / ٣٣٤ والدر المصون ٤ / ٥١٣.
(٥) السابق.
(٦) التشديد لحفص وابن عامر وعاصم. وهي سبعية متواترة. الإتحاف ٣٦٤ والسبعة ٣٣٩ و ٣٤٠.
(٧) قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٩٤ والنحاس في الإعراب ٣ / ٣٩٣ نقلا عن سيبويه ومكي في المشكل ٢ / ٢٢٥ وأبو البقاء في التبيان ٧١٦ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٢١ وأبو حيان في البحر ٧ / ٣٤.
(٨) فكل مبتدأ وجميع الخبر وانظر : المشكل ٢ / ٢٢٥ والإعراب ٤ / ٣٩٣ والبيان ٢ / ٢٩٤ والكشاف ٣ / والتبيان ٧١٦ والبحر ٧ / ٣٣٤.
(٩) انظر : المراجع السابقة.
(١٠) قال أبو إسحاق الزجاج في المعاني ٤ / ٢٨٦ : من قرأ بالتخفيف «لما» فما زائدة مؤكدة والمعنى إن كل لجميع لدينا محضرون ومعناه : وما كل إلا جميع لدينا. ويقرأ لما بالتشديد ومعنى ههنا إلا ، تقول : «سألتك لمّا فعلت». وقد نقلت رأي الفراء منذ قليل من المعاني ٢ / ٣٧٦ و ٣٧٧. وقد صرح الفراء في مكان آخر بأن اللام قد تكون بمعنى إلا فقال : ومعنى إن ضربت لزيدا كمعنى قولك : «ما ضربت إلّا زيدا». انظر : المعاني ٢ / ٣٩٥.
(١١) الرازي ٢٦ / ٦٥.