المعرفة بنكرة (١). قال : وقد تبعه ابن مالك (٢) ثم خرج أبو حيان الحمل على الحال أي الأرض محياة والليل منسلخا منه النهار واللئيم شاتما لي (٣) ، قال شهاب الدين : وقد اعتبر النحاة (٤) ذلك في مواضع فاعتبروا معنى المعرف بأل الجنسية دون لفظه فوصفوه بالنّكرة الصّريحة ، نحو : يا لرجل خير منك على أحد الأوجه. وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ) [العصر : ٢] بعد (إِنَّ الْإِنْسانَ) [العصر : ٣] وقوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) [النور : ٣١] و «أهلك النّاس الدّينار الحمر والدّرهم البيض» (٥). كل هذا ما روعي فيه المعنى دون اللفظ ، وإن اختلف نوع المراعاة ، ويجوز أن يكون «أحييناها» استئنافا بين (٦) به كونها آية.
فصل
وجه التعلق بما قبله من وجهين :
أحدهما : أنه لما قال : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ) كان ذلك (إشارة) (٧) إلى الحشر فذكر ما يدل على إمكانه قطعا لإنكارهم واستبعادهم وإصرارهم وعنادهم فقال : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) كذلك يحيي الموتى (٨).
وثانيهما : أنه لما ذكر حال المرسلين وإهلاك المكذّبين وكان شغلهم التوحيد ذكر ما يدل عليه وبدأ بالأرض لكونها مكانهم لا مفارقة لهم منها عند الحركة (٩) والسكون.
فإن قيل : الأرض آية مطلقة فلم خصها بهم حيث قال : (وَآيَةٌ لَهُمُ)؟.
فالجواب : الآية تعدد وتردد (١٠) لمن لم يعرف الشيء بأبلغ الوجوه أما من عرف الشيء بطريق الرؤية لا يذكر له دليل فالنبي ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ وعباد الله المخلصين عرفوا الله قبل الأرض والسماء فليست الأرض معرفة لهم وهذا كما قال الله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ) [فصلت : ٥٣] وقال : (أَوَلَمْ
__________________
(١) البحر ٧ / ٣٣٤ و ٣٣٥.
(٢) قال في التسهيل : «المنعوت به مفردا أو جملة كالموصول بها منعوتها نكرة أو معرف بأل الجنسية» وانظر : التسهيل ١٦٧.
(٣) بالمعنى من بحره ٧ / ٣٣٤ و ٣٣٥.
(٤) الدر المصون ٤ / ٥١٥.
(٥) فالذين في «العصر والنور» والحمر والبيض كلها صفات روعي فيها المعنى دون اللفظ.
(٦) البحر والدر المصون المرجعان السابقان والكشاف ٣ / ٣٢١ كما جعل الزمخشري : «نسلخ» استئنافا كذلك.
(٧) سقط من «ب».
(٨) ولذلك يقول الله : «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ».
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٦ / ٦٥.
(١٠) في «ب» تسرّد. وهو موافق لما في «ب» وهو الأصح.