به فيعود المعنى إلى معنى الموصولة (١) أو الموصوفة.
فصل
إذا قلنا : «ما» موصولة يحتمل أن يكون المعنى وما عملته أيديهم بالتّجارة كأنه ذكر نوعي ما يأكل الإنسان وهما الزراعة والتجارة (أ) و (٢) من النبات ما يؤكل من غير عمل الأيدي كالعنب والتّمر وغيرهما ومنه ما يعمل فيه عمل فيؤكل كالأشياء التي لا تؤكل إلا مطبوخة أو كالزيتون الذي لا يؤكل إلا بعد إصلاح (٣) ثم لما عدد النعم أشار إلى الشكر بقوله : (أَفَلا يَشْكُرُونَ) وذكر بصيغة الاستفهام لما تقدم في فوائد الاستفهام (٤). قوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) أي الأصناف و «سبحان» علم دال على التسبيح تقديره : سبّح تسبيح الّذي خلق الأزواج. ومعنى (سبح) (٥) نزّه. (و) (٦) وجه تعلق الآية بما قبلها هو أنه تعالى لما قال : (أَفَلا يَشْكُرُونَ) وشكر الله بالعبادة وهم تركوها وعبدوا غيره فقال : سبحان الذي خلق الأزواج كلها وغيره لم يخلق شيئا. أو يقال : لما بين أنهم أنكروا الآيات ولم يشكروا (بين) (٧) ما ينبغي عليه أن يكون عليه العامل (٨) فقال (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ) تنزّه عن أن يكون له شريك أو يكون عاجزا عن إحياء الموتى.
قوله : (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) من الثّمار والحبوب والمعادن ونحوها ، (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعني الذكور والإناث والدلائل النفسية (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) يدخل فيه ما في أقطار السموات وتخوم الأرض.
قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٤٠)
قوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ) كقوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) و «نسلخ» استعارة بديعة (٩) شبه انكشاف ظلمة الليل بكشط الجلد عن الشّاة لما استدل تعالى بأحوال الأرض وهو المكان
__________________
(١) ذكر هذا الوجه أبو حيان في البحر ٧ / ٣٣٥ ومن بعده السمين ٤ / ٥١٧.
(٢) بهمزة زيادة على الفخر الرازي وفي «ب» إذ من النبات.
(٣) انظر : الرازي ٢٦ / ٦٨.
(٤) لأن الغرض الانتفاع بما هو بين أيديهم والشكر من جهة التدبر فلما لم ينتفعوا قيل لهم ذلك.
(٥) سقط من «ب».
(٦) زيادة من «أ» عن «ب» أيضا.
(٧) سقط كذلك من «ب».
(٨) في «ب» العاقل.
(٩) ذكرها الزمخشري في كشافه ٣ / ٣٢٢ وأبو حيان في بحره ٧ / ٣٣٥ والسمين في دره المصون ٤ / ٥١٧.