قال المبرد : سمعته يقرؤها فقلت : ما هذا؟ فقال : أردت سابق ـ يعني بالتنوين ـ فخففت (١).
قوله : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أي يجرون. وهذا يحقق أن لكلّ طلوع في يوم وليلة لا يسبق بعضها بعضا بالنسبة إلى هذه الحركة والتنوين في قوله : «كلّ» عوض عن الإضافة (٢). والمعنى كل واحد. وإسقاط التنوين للإضافة حتى لا يجتمع التعريف والتنكير في شيء واحد فلما أسقط المضاف إليه لفظا رد التنوين عليه لفظا وفي المعنى معرف بالإضافة.
فإن قيل : فهل يختلف الأمر عند الإضافة لفظا وتركها؟.
فالجواب : نعم ، لأن قول القائل : كل واحد من الناس كذا لا يذهب الفهم إلى غيرهم فيفيد اقتصار الفهم عليه ، فإذا قال : كلّ كذا يدخل في الفهم عموم أكثر من العموم عند الإضافة وهذا كما في : «قبل وبعد» إذا قلت : أفعل قبل كذا فإذا حذفت المضاف وقلت أفعل قبل أفاد فهم الفعل قبل كلّ شيء (٣).
فإن قيل : فهل بين قولنا : «كل منهم» وبين : «كلّهم» وبين «كلّ» فرق؟.
فالجواب : نعم فقولك : كلهم يثبت الأمر للاقتصار عليهم ، وقولك : كلّ منهم يثبت الأمر أولا للعموم ثم استدركه بالتخصيص فقال : منهم وقولك : كلّ يثبت الأمر على العموم وتركت (٤) عليه (٥). فإن قيل : إذا كان «كلّ» معناه كل واحد منهم والمذكور الشمس والقمر فكيف قال : يسبحون؟.
فالجواب : أن قوله «كل» للعموم فكأنه أخبر عن كل كوكب في السماء سيّارا. وأيضا فلفظ «كل» يجوز أن يوحّد نظرا إلى كون لفظه موحّدا غير مثنى ولا مجموع ويجوز أن يجمع لكون معناه جمعا ، وأما التثنية فلا يدل عليه (٦) اللفظ ولا المعنى وعلى هذا يحسن أن يقال : «زيد وعمرو كلّ جاء» ولا يقال : (كل) (٧) جاءا بالتثنية. وجواب آخرا قوله : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ) فالمراد من الليل الكواكب فقال : «يسبحون» (٨).
فصل
الفلك هو الجسم (٩) المستدير أو السطح المستدير أو الدائرة لأن أهل اللغة اتفقوا على أن فلكة المغزل سميت فلكة لاستدارتها وفلك الخيمة هي الخشبة المسطحة
__________________
(١) نقله في كامله ١ / ٢٥٣.
(٢) الكشاف ٣ / ٣٢٤ والرازي ٢٦ / ٧٤.
(٣) المرجع السابق.
(٤) في «ب» ونزلت وفي الرازي المصدر السابق : وتتركه.
(٥) التفسير الكبير للرازي ٢٦ / ٧٤.
(٦) في الرازي : عليها.
(٧) كذا وجد في الرازي وافتقد في «ب».
(٨) انظر كل ما مضى في المرجع السابق.
(٩) الرازي السابق وانظر : اللسان : «ف ل ك» ٣٤٦٤ و ٣٤٦٥.