قوله تعالى : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) أن الهاء عائدة إلى ما ذكرنا أي من (١) ثمرنا.
فصل
في قوله : (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) فائدتان :
إحداهما : أن في حال النعمة ينبغي أن لا يؤمن (٢) عذاب الله.
والثانية : أن ذلك جواب عن سؤال مقدر وهو أن الطّبيعيّ يقول : السفينة تحمل بمقتضى الطّبيعة والمجوّف لا يرسب ، فقال : ليس كذلك بل لو شاء الله إغراقهم لأغرقهم وليس كذلك بمقتضى الطبيعة ولو صح كلامه الفاسد لكان لقائل أن يقول : ألست توافق أن من السفن ما ينقلب وينكسر ومنها ما يثقبه ثاقب فيرسب وكل ذلك بمشيئة الله فإن شاء أغرقهم من غير شيء من هذه الأسباب كما هو مذهب أهل السنة أو شيء من تلك الأسباب التي سلمتها أنت (٣).
قوله : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) فعيل بمعنى فاعل لا مغيث (٤) لهم. وقيل : فلا مستغيث (٥). وقال الزمخشري : فلا إغاثة جعله مصدرا من «أصرخ» (٦). قال أبو حيان «ويحتاج إلى نقل أن «صريحا» يكون مصدرا بمعنى إصراخ» (٧). والعامة على فتح «صريخ». وحكى أبو البقاء أنه قرىء بالرفع والتنوين (٨). قال : ووجهه (٩) على ما في قوله : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ).
فصل
معناه : لا مغيث لهم يمنع عنهم الغرق (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) إذا أدركهم الغرق لأن الخلاص من العذاب إما أن يكون برفع العذاب من أصله أو برفعه بعد وقوعه فقال : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) يدفع ولا هم ينقذون بعد الوقوع فيه وهو كقوله تعالى : (لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ.) وفيه فائدة أخرى غير الحصر وهي أنه تعالى قال : لا صريخ لهم ولم يقل : ولا منقذ لهم ؛ لأ (نّ) (١٠) من لا يكون من شأنه أن ينصر لا يشرع (١١) في
__________________
(١) قاله الرازي ٢٦ / ٨١.
(٢) في الرازي : أن في حال النعمة ينبغي أن لا يأمنوا عذاب الله.
(٣) وفيه : كما تسلم أنت. وانظر : تفسيره ٢٦ / ٨٢.
(٤) نقله أبو حيان في البحر ٧ / ٣٣٩ والسمين في الدر ٤ / ٥٢٠ والزجاج ٤ / ٥٢٠.
(٥) نقله السمين في الدر المرجع السابق.
(٦) الكشاف ٣ / ٣٢٥ وقد وافقه الفراء في المعاني ٢ / ٣٧٩.
(٧) البحر ٧ / ٣٣٩.
(٨) التبيان ١٠٨٣.
(٩) النحاس ٤ / ٣٩٧ والكشاف ٣ / ٣٢٤ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٢٧.
(١٠) لفظ النون سقط من نسخة «ب».
(١١) في «ب» يسرع بالسين.