فعيل بمعنى فاعل (١) ، وقيل : مفعول (٢) فعلى الأول عدم التاء غير مقيس (٣). وقال الزمخشري : الرّميم اسم لما بلي من العظام غير صفة كالرّمّة والرفات فلا يقال : لم لم يؤنث وقد وقع خبرا لمؤنث ولا هو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول (٤) وقال البغوي ولم يقل : رميمة لأنه معدول من فاعلة فكل ما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن إعرابه (٥) كقوله : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم : ٢٨] أسقط الهاء لأنها مصروفة عن «باغية».
فصل
هذه الآية وما بعدها إشارة إلى بيان الحشر ، واعلم أن المنكرين للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة بل اكتفى بمجرد الاستبعاد وهم الأكثرون كقولهم : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) [السجدة : ١٠] (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [المؤمنون: ٨٢] (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) على طريق الاستبعاد ، فأبطل استبعادهم بقوله : (نَسِيَ خَلْقَهُ) أي نسي أنا خلقناه من تراب ومن نطفة (٦) متشابهة (الأجزاء) (٧) ، ثم جعلنا لهم من النّواصي إلى الأقدام أعضاء مختلفة الصّورة (٨) ، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم ما ليس من قبيل هذه الأجرام وهو النطق والعقل اللذي (ن) (٩) بهما استحقوا الإكرام فإن كانوا يقنعون (١٠) بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون خلق الناطق العاقل من نطفة قذرة لم تكن محلّا للحياة أصلا ويستبعدون إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه. واختاروا العظم بالذكر لأنه أبعد عن الحياة (١١) لعدم الإحساس فيه ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البلى والتّفتّت. والله تعالى دفع استبعادهم من جهة ما في العبد من القدرة والعلم فقال : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً) أي جعل قدرتنا كقدرتهم (وَنَسِيَ خَلْقَهُ) العجيب وبدأه الغريب. ومنهم من ذكر شبهة وإن في آخرها يعود إلى مجرد الاستبعاد وهي على وجهين :
الأول : أنه بعد العدم لن يبقى شيء فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود؟!
__________________
(١) وهو قول القرطبي في الجامع ١٥ / ٥٨ والبغوي في معالم التنزيل ٦ / ١٧ ونقله السمين في الدر المصون ٤ / ٥٣٤ وهو أحد قولي أبي البقاء في التبيان ١٠٨٦.
(٢) الوجه الآخر من قول العكبري انظر : المرجع السابق.
(٣) انظر : التبيان ٩٨ و ٩٩.
(٤) الكشاف ٣ / ٣٣١. فجعله اسما.
(٥) البغوي ٦ / ١٧ وفيه أخواته بدل إعرابه وانظر : القرطبي ١٥ / ٥٨.
(٦) في ب خلقه وانظر : الرازي ٢٦ / ١٠٨ و ١٠٩.
(٧) سقط من ب.
(٨) في ب والرازي الصور جمعا.
(٩) زيادة على النسختين والرازي.
(١٠) كذا في الرازي وفي ب. وما في أيضعون.
(١١) كذا هنا في أوفي الرازي وما في ب : من.