إلى القطع بالوقوع إلا بأخبار المخبر (١) الصادق فلما قامت المعجزات على صدق محمد ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ كان واجب الصدق فكان مجرد قوله : «نعم» دليلا قاطعا على الوقوع (٢).
قوله : (أَوَآباؤُنَا) قرأ ابن عامر وقالون : بسكون الواو على أنها «أو» (٣) العاطفة المقتضية للشك والباقون بفتحها (٤) على أنها همزة استفهام دخلت على واو العطف ، وهذا الخلاف جار أيضا في «الواقعة» (٥) وتقدم مثل هذا في الأعراف في قوله : (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى)(٦) ، فمن فتح الواو أجاز في : «آباؤنا» وجهين :
أحدهما : أن يكون معطوفا على محل إن واسمها (٧).
والثاني : أن يكون معطوفا على الضمير المستتر في : «لمبعوثون» (٨). واستغني بالفصل بهمزة الاستفهام ، ومن سكنها تعين فيما الأول دون الثاني على قول الجمهور لعدم الفاصل ، وقد أوضح هذا الزمخشريّ حيث قال : (أَوَآباؤُنَا) معطوف على محل إنّ واسمها أو على الضمير في : «لمبعوثون» ، والذي جوز العطف عليه الفصل بهمزة الاستفهام (٩). قال أبو حيان : أما قوله معطوف على محل «إنّ» واسمها فمذهب سيبويه خلافه (١٠) ، فإن قولك : «إنّ زيدا قائم وعمرو» وعمرو فيه مرفوع بالابتداء وخبره محذوف ، وأما قوله : أو على الضمير في لمبعوثون (الخ ... فلا يجوز أيضا ؛ لأن همزة
__________________
(١) في ب : للمخبر.
(٢) وانظر : التفسير الكبير للإمام الرازي ٢٦ / ١٢٨.
(٣) في ب : الواو.
(٤) من القراءات المتواترة. وانظر في ذلك السبعة ٢٨٧ و ٢٨٦ والإتحاف ٣٦٨ والنشر ٢ / ٣٥٧ والكشاف ٣ / ٣٣٧.
(٥) عند قوله تعالى : «أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ» الآية ١٠.
(٦) الآية ٩٨ منها : «أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ» فقرىء بأو وبالواو على العطف والاستفهام أيضا.
(٧) من قوله : «أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ» وانظر الكشاف ٣ / ٣٣٧ والسمين ٤ / ٥٤٢.
(٨) المرجع السابق وانظر : الكشاف ٣ / ٣٣٧.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) فالزمخشري قد مشى في رحا الكوفيين وقليل من البصريين الذين لم يشترطوا المحرز وهو الطالب للمحل ، ولأن «إنّ» لم تعمل عندهم في الخبر شيئا بل هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها. وفي الكتاب لسيبويه أنه يجيز رأي الكوفيين هذا ولكنه رأي ضعيف ومفضول. قال : «هذا باب ما يكون محمولا على إنّ فيشاركه فيه الاسم الذي وليها ويكون محمولا على الأول فأما ما حمل على الابتداء فقولك : إنّ زيدا ظريف وعمرو ، وإنّ زيدا منطلق وسعيد فعمرو وسعيد يرتفعان لوجهين فأما الوجه الحسن فأن يكون محمولا على الابتداء وأما الوجه الآخر الضعيف فأن يكون محمولا على الاسم المضاف في المنطلق». الكتاب ٢ / ١٤٤.