وقيل : تسألهم الخزنة (١) : «ألم يأتكم نذير رسل منكم» ، (رسل) (٢) بالبينات قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين. ويجوز أن يكون هذا السؤال (٣) هو قوله بعد ذلك : (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) (أي لا تسألون) (٤) (توبيخا لهم (٥) فيقال) : ما لكم لا تناصرون قال ابن عباس : لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر : نحن جميع منتصر فقيل لهم يوم القيامة : ما لكم لا تناصرون ، وقيل : يقال للكفار : ما لشركائكم لا يمنعونكم من العذاب(٦).
قوله : (ما لَكُمْ) يجوز أن يكون منقطعا عما قبله والمسؤول عنه غير مذكور ولذلك قدره بعضهم عن أعمالهم (٧) ، ويجوز أن يكون هو المسؤول عنه في المعنى فيكون معلقا للسؤال و (لا تَناصَرُونَ) جملة حالية العامل فيها الاستقرار في «لكم» (٨). وقيل : بل هي على حذف حرف الجرّ وأن الناصبة فلما حذفت «أن» ارتفع الفعل. والأصل في أن لا (٩). وتقدمت قراءة البزّي لا تناصرون بتشديد التاء (١٠). وقرىء تتناصرون على الأصل (١١).
قوله (تعالى) (١٢) : (بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) قال ابن عباس (١٣) : خاضعون. وقال الحسن منقادون ، يقال استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع. والمعنى هم اليوم أذلّاء منقادون لا حيلة لهم في دفع تلك المضارّ.
قوله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ
__________________
(١) نقله الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٣٢.
(٢) سقط من ب ، فهو زيادة من «أ».
(٣) المرجع السابق.
(٤) سقط من ب.
(٥) سقط أيضا من ب.
(٦) الرازي ٢٦ / ١٣٢ و ١٣٣ وانظر : البغوي ٦ / ٢١.
(٧) كما قاله ابن عباس والكلبي ومحمد بن كعب. وانظر : البحر المحيط ٧ / ٣٥٦ و ٣٥٧ والسمين ٤ / ٥٤٥.
(٨) التبيان ١٠٨٩ والبيان ٢ / ٣٠٣ والمشكل ٢ / ٢٣٥.
(٩) قاله العكبري في المرجع السابع وانفرد به.
(١٠) القرطبي ١٥ / ٧٤ والسمين ٤ / ٥٤٥ والكشاف ٣ / ٣٣٨.
(١١) المرجعان الأخيران.
(١٢) زيادة من ب.
(١٣) انظر : زاد المسير ٧ / ٥٣ والبغوي ٦ / ٢٠ و ٢١.