لذائقون ولكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم متكلمون بذلك عن أنفسهم ونحوه قول القائل :
٤١٩١ ـ لقد علمت(١)هوازن قلّ مالي |
|
..........(٢) |
ولو حكى قولها لقال : قلّ مالك ، ومنه قول المحلف للحالف احلف (لأخرجنّ) (٣) ولتخرجنّ(٤) ، الهمزة لحكاية الحالف ، والتاء لإقبال المحالف (٥) على المحلف (٦).
قوله : (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) أي إنما أقدمنا (٧) إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية. وفيه دقيقة أخرى كأنهم قالوا : إن اعتقدتم أن غوايتكم (٨) بسبب إغوائنا فغوايتنا إن كانت بسبب إغواء غاو آخر لزم التسلسل. وذلك محال فعلمنا أن حصول الغواية والرشاد ليس من قبلنا بل من قبل غيرنا. وذلك الغير هو الذي ذكره فيما قبل وهو قوله : (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا)(٩). ثم قال تعالى بعده : (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) يعني الرؤساء والأتباع يومئذ يسألو (ن) (١٠) ويراجعو (ن) الكلام فيما بينهم ثم قال : (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) أي الكفار. قال ابن عباس : الذين جعلوا لله شركاء ثم وصفهم بأنهم (إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) يتكبرون عن كلمة التوحيد ويمتنعون منها (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) يعني النبي ـ صلىاللهعليهوسلم (١١) ـ وقرأ ابن كثير أينا لتاركوا بهمزة وياء بعدها خفيفة وألف ساكنة بلا مدة (١٢). وقرأ نافع في رواية قالون وأبو عمرو كذلك ، ويمدان. والباقون بهمزتين (١٣) بلا مد ، ثم إنه تعالى كذبهم في ذلك الكلام بقوله : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ) أي جاء بالدين الحق.
قوله : (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) أي صدقهم محمد ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ يعني
__________________
(١) في الكشاف زعمت.
(٢) من تمام الوافر وذلك صدر بيت وعجزه :
.......... |
|
وهل لي غير ما أنفقت مال |
ويروى : ألا زعمت. وهو مجهول القائل وجيء به شاهدا للعدول والالتفات من الخطاب إلى التكلّم فكان مسار الكلام وحكاية قولها وهي هوازن قل مالك ، وانظر : البحر ٧ / ٣٥٧ والدر المصون ٤ / ٥٤٦ والكشاف ٣ / ٣٣٩ وشرح شواهده ٥٠٠.
(٣) زيادة من أوالكشاف عن ب.
(٤) في ب : ليخرجن بالياء.
(٥) تصحيح من الكشاف عن النسختين ففيهما المحلف.
(٦) انظر الكشاف ٣ / ٣٣٩.
(٧) في ب : قدمنا.
(٨) في ب : إغوائكم وما هنا موافق للرازي.
(٩) الرازي ٢٦ / ١٣٥.
(١٠) تصحيح لغوي لا بد منه على النسختين.
(١١) انظر : معالم البغوي ٦ / ٢١.
(١٢) من القراءات الأربع فوق العشرة. انظر : الإتحاف ٣٦٩ والرازي ٢٦ / ١٣٥.
(١٣) المرجعان السابقان ، الإتحاف والرازي.