الخمر (١) ، وقوله : (مِنْ مَعِينٍ) أي من شراب معين أو من نهر معين. المعين مأخوذ من عين الماء أي يخرج من العيون كما يخرج الماء ، وسمي (م) (٢) عينا لظهوره ، يقال : عان الماء إذا ظهر جاريا ، (قاله (٣) ثعلب) فهو مفعول من العين نحو : مبيع ومكيل ، وقيل : سمي معينا لأنه يجري ظاهر العين كما تقدم. ويجوز أن يكون فعيلا من المعين وهو الماء الشديد الجري ، ومنه أمعن في الجري إذا اشتد فيه (٤).
قوله : «بيضاء» صفة لكأس (٥). وقال أبو حيان : صفة «لكأس» أو «للخمر» (٦) ، قال شهاب الدين : لم يذكر الخمر اللهم إلا أن يعني بالمعين الخمر. وهو بعيد جدا. ويمكن أن يجاب بأن الكأس إنما سميت كأسا إذا كان فيها الخمر (٧).
وقرأ عبد الله : صفراء (٨) وهي مخالفة للسواد ، إلا أنه جاء وصفها بهذا اللون وأنشد لبعض المولدين :
٤١٩٤ ـ صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها |
|
لو مسّها حجر مسّته سرّاء (٩) |
و «لذة» صفة أيضا وصفت بالمصدر مبالغة كأنها نفس اللذة وعينها كما يقال : فلان جود وكرم إذا أرادوا المبالغة (١٠).
وقال الزجاج : أو على حذف المضاف أي ذات (١١) لذّة ، أو على تأنيث «لذّ» بمعنى لذيذ فيكون وصفا على «فعل» كصعب (١٢) يقال : لذّ الشّيء يلذّ لذّا فهو لذيذ ولذّ وأنشد :
٤١٩٥ ـ بحديثها اللّذّ الّذي لو كلّمت |
|
أسد الفلاة به أتين سراعا (١٣) |
__________________
(١) نقله عنه الرازي والكشاف المراجع السابقة.
(٢) الميم سقط من ب.
(٣) سقط من «ب» و «أ» أيضا فهو تصحيح من الرازي واللسان. وانظر : اللسان : «م ع ن» ٤٢٣٧ فقد نقل الهرويّ في فصل «عين» عن ثعلب أنه قال : عان الماء يعين إذا جرى ظاهرا. اللسان المرجع السابق.
(٤) اللسان والرازي السابقان.
(٥) التبيان ١٠٨٩ والسمين ٤ / ٥٤٨.
(٦) البحر ٧ / ٣٥٩.
(٧) الدر المصون ٤ / ٥٤٨.
(٨) وقد وافقه الحسن والضحاك وانظر المختصر لابن خالويه ١٢٨ ، وانظر : البحر المحيط ٧ / ٣٥٩ والدر المصون ٤ / ٥٤٨. وهي شاذة غير متواترة كما هو واضح.
(٩) من البسيط وهو لأبي نواس الحسن بن هانىء الشاعر الحكميّ. وأتى بالبيت حتى يدلنا على أن الصفراء صفة من صفات الخمر وأيدت تلك قراءة عبد الله بن مسعود. وانظر : الديوان ٦ ، والبحر المحيط ٧ / ٣٥٩ والدر المصون ٤ / ٥٤٨.
(١٠) نقله الرازي ٢٦ / ١٣٧ والسمين ٤ / ٥٤٨ والبحر المحيط ٧ / ٣٥٩ والكشاف ٣ / ٣٤٠.
(١١) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٠٣ وانظر أيضا إعراب النحاس ٣ / ٤١٩ وانظر أيضا المراجع السابقة.
(١٢) الكشاف والبحر والدر والرازي المراجع السابقة.
(١٣) من الكامل ، ولم أعثر على قائله وشاهده : أن اللذ مصدر للذّ. ويروي : بحديثك اللذ. على الخطاب.
يقول : إن سحر حديثها يجذب أي إنسان حتى ولو كان أسد الغاب وذلك مبالغة. وانظر : الدر المصون ٤ / ٤٥٨ والبحر ٧ / ٣٥٠ وفتح القدير ٤ / ٣٩٣.