فتقاسماها واشترى أحدهما دارا بألف دينار فأراها صاحبه وقال كيف ترى حسنها؟ (فقال (١) : ما أحسنها) ، ثم خرج فتصدق بألف دينار وقال : اللهم إنّ صاحبي قد ابتاع هذه الدار بألف دينار وإنّي أسألك دارا من دور الجنة ثم إن صاحبه تزوج امرأة حسناء بألف دينار ، فتصدق صاحبه بألف دينار لأجل أن يزوجه الله تعالى من الحور العين ثم إن صاحبه اشترى بساتين بألفي دينار فتصدق هذا بألفي دينار ، ثم إن الله تعالى أعطاه ما طلب في الجنة.
وقيل : كان أحدهما كافرا اسمه نطروس والآخر مؤمن اسمه يهودا وهما اللذان قص الله خبرهما في سورة (٢) الكهف : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ) [الكهف : ٣٢].
قوله : (لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) العامة على التخفيف الصاد من التصديق أي لمن المصدّقين بلقاء الله. وقرىء بتشديدها من الصّدقة (٣) ، واختلف القراء في هذه الاستفهامات الثلاثة وهي قوله : (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) فقرأ نافع الأولى والثانية بالاستفهام بهمزة غير مهموسة (٤) والثالثة بكسر الألف من غير استفهام. (ووافقه (٥) الكسائي إلا أنه يستفهم الثالثة بهمزتين وابن عامر الأولى والثالثة بالاستفهام بهمزتين والثانية بكسر الألف من غير استفهام). والباقون بالاستفهام في جميعها. ثم اختلفوا فابن كثير يستفهم بهمزة واحدة غير مطولة وبعدها ياء ساكنة خفيفة وأبو عمرو مطولة وحمزة وعاصم بهمزتين (٦).
فصل
ثم إن ذلك الرجل يقول لجلسائه يدعوهم إلى كمال السّرور بالاطّلاع إلى النار لمشاهدة ذلك القرين ومخاطبته (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) إلى النار فيقول أهل الجنة أنت أعرف به (٧) منا «فأطلع أنت». قال ابن عباس : إنّ في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار.
قوله : «مطّلعون» قرأ العامة بتشديد الطاء مفتوحة وبفتح النون فاطّلع ماضيا مبنيا للفاعل افتعل من الطلوع. وقرأ ابن عباس في آخرين ـ ويروى عن أبي عمرو ـ بسكون الطاء وفتح النون «فأطلع» بقطع (ال) (٨) همزة مضمومة وكسر اللام ماضيا مبنيا
__________________
(١) سقط من نسخة ب.
(٢) المرجع السابق.
(٣) من القراءة المتواترة فقرأ حمزة بالتشديد ، وانظر : زاد المسير ٧ / ٥٩ ، فيما رواه عن حمزة بكر بن عبد الرحمن القاضي ، وانظر : البحر المحيط ٧ / ٣٦٠ ، وكذلك الكشاف ٣ / ٣٤١ بدون نسبة أيضا.
(٤) كذا هنا في أوفي ب مهموزة وفي الرازي ممدودة.
(٥) ما بين المعقوفين كله سقط من نسخة ب.
(٦) وانظر : الفخر الرازي ٢٦ / ١٤٠ وإتحاف فضلاء البشر ٢٦٩.
(٧) في ب : بنّا منّا. وانظر البغوي ٦ / ٢٢.
(٨) زيادة من أ.