مكروهة (١) إما في بدنه وإما في قلبه وكل ذلك سقم (٢).
السابع : قال ابن الخطيب : قال بعضهم ذلك القول عن إبراهيم ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ كذبا. وأوردوا فيه حديثا عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «ما كذب إبراهيم إلّا ثلاث كذبات» (٣).
قلت (٤) لبعضهم : هذا الحديث لا ينبغي أن ينقل لأن فيه نسبة الكذب (إلى إبراهيم (٥) فقال ذلك الرجل فكيف نحكم بكذب الرّاوي العدل؟) فقلت : لما وقع التعارض بين نسبة الكذب إلى الراوي وبين نسبة الكذب إلى الخليل عليه (الصلاة و) السلام كان من المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى الراوي أولى. ثم نقول : لم لا يجوز أن يكون المراد من قوله : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) أي في نجوم كلامهم ومتفرّقات أقوالهم ، فإن الأشياء التي تحدث قطعة قطعة يقال : إنها منجّمة (٦) أي متفرقة. ومنه : نجمت (٧) الكتابة ، والمعنى : أنه لما جمع كلماتهم المتفرقة نظر فيها حتى يستخرج منها حيلة يقدر بها على إقامة عذر لنفسه في التخلف عنهم ، فلم يجد عذرا أحسن من قوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) ؛ (والمراد : أنه لا بدّ (٨) من أن أصير سقيما كما تقول لمن رأيته يتجهز للسفر : إنك مسافر ، ولما قال : إني سقيم) تولّوا عنه مدبرين وتركوه ، وعذروه في عدم الخروج إلى عيدهم.
قوله : «فراغ» أي مال في خفية ، وأصله من روغان الثعلب ، وهو تردده وعدم ثبوته بمكان ، ولا يقال : راغ (٩) حتى يكون صاحبه مخفيا لذهابه ومجيئه ، فقال استهزاء بها : (أَلا تَأْكُلُونَ) يعني الطعام الذي كان بين أيديهم (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) قاله أيضا استهزاء ، فراغ عليهم مال عليهم مستخفيا (١٠).
قوله : «ضربا» مصدر واقع موقع الحال أي فراغ عليهم ضاربا ، أو مصدر لفعل ذلك الفعل حال تقديره فراغ يضرب ضربا (١١) ، أو ضمن راغ معنى «يضرب» وهو بعيد (١٢) ،
__________________
(١) كذا في الرازي وفي ب وفي أمكررة.
(٢ و ٣) وانظر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٤٧ ، ١٤٨.
(٤) هذا قول الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٤٨.
(٥) ما بين القوسين ساقط من ب بسبب انتقال النظر.
(٦) كذا هي في الرازي وفي أأما في ب فهي نجمة.
(٧) في الرازي وب نجوم وهو الأصح.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب بسبب انتقال النظر.
(٩) في ب : أراغ بهزة التعدية وهو غير المراد. وانظر : اللسان ١٧٧٩ ومعاني الفراء ٢ / ٣٨٨.
(١٠) وانظر كل هذا في الرازي ٢٦ / ١٤٨.
(١١ و ١٢) قال بالقول الأول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٠٩ وبالأقوال الثلاثة أبو حيان في البحر ٧ / ٣٦٦ والسمين في الدر ٤ / ٥٦٠ ، وكذا الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٤٥ بينما قال بالثاني والثالث أبو البقاء في التبيان ١٠٩١ وبالثالث فقط مكي في المشكل ٢ / ٢٣٨.
(١١ و ١٢) قال بالقول الأول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٠٩ وبالأقوال الثلاثة أبو حيان في البحر ٧ / ٣٦٦ والسمين في الدر ٤ / ٥٦٠ ، وكذا الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٤٥ بينما قال بالثاني والثالث أبو البقاء في التبيان ١٠٩١ وبالثالث فقط مكي في المشكل ٢ / ٢٣٨.