وقيل : هو الثناء الحسن على إبراهيم وإسحاق إلى يوم القيامة. (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ) مؤمن (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) أي كافر «مبين» ظاهر وفي ذلك تنبيه على أنه لا يلزم من كثرة فضائل الأب فضيلة الابن لئلا تصير هذه الشبهة سببا لمفاخرة اليهود (١) ، ودخل تحت قوله : «محسن» الأنبياء والمؤمنون ، وتحت قوله : (وَظالِمٌ) الكافر والفاسق.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)(١٢٢)
قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ) أنعمنا عليهما بالنبوة (وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الذي كانوا فيه من استعباد فرعون إياهم.
(قوله (٢) : (وَنَصَرْناهُمْ)) قيل : الضمير يعود على «موسى وهارون وقومهما» ، وقيل : عائد على الاثنين بلفظ الجمع تعظيما كقوله (٣) :
٤٢٢٠ ـ فإن شئت حرّمت النّساء سواكم |
|
..........(٤) |
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ).
قوله : (فَكانُوا هُمُ) يجوز في «هم» أن تكون تأكيدا ، وأن تكون بدلا ، وأن تكون فصلا ، وهو الأظهر (٥).
فصل
المعنى : فكانوا هم الغالبين على القبط في كلّ الأحوال ، أما في أول الأمر فبظهور الحجة ، وأما في آخر الأمر فبالدولة والرفعة (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) المستنير المشتمل على جميع العلوم المحتاج إليها في مصالح الدين والدنيا (٦) كما قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) [المائدة : ٤٤]. (وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) دللناهما
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) ما بين القوسين ساقط من ب.
(٣) وانظر القرطبي ١٥ / ١١٤ ، ومعاني الفراء ٢ / ٣٩٠ ، والدر المصون ٤ / ٥٦٦.
(٤) مضى أن هذا صدر بيت لعمر بن أبي ربيعة وعجزه :
.......... |
|
وإن شئت لم أطعم نقاحا ولا بردا |
وشاهده هنا : مخاطبة المفرد مخاطبة الجمع تعظيما وإكبارا فالأصل : سواك أو سواكنّ.
(٥) قال بهذه الأوجه الثلاثة أبو حيان في البحر ٧ / ٣٧٢ ، وشهاب الدين السمين ٤ / ٥٦٦.
(٦) القرطبي / ١١٤.