قال شهاب الدين : لأنه متى جمع العلم جمع سلامة أو ثني لزمته الألف واللام لأنه تزول علميته فيقال : الزّيدان ، والزّيدون ، والزّينبات ، ولا يلتفت إلى قولهم : جماديان وعمايتان علمي شهرين ، وجبلين لندورهما (١). وقرأ الحسن وأبو رجاء على الياسين (٢) بوصل الهمزة لأنه يجمع الياسين وقومه المنسوبين إليه بالطريق المذكورة. وهذه واضحة لوجود «ال» المعرفة كالزّيدين. وقرأ عبد الله على إدراسين (٣) لأنه قرأ في الأول : وإن إدريس ، وقرأ أبي علي إبليسين (٤) لأنه قرأ في الأول وإن إبليس كما تقدم عنه ، وهاتان القراءتان تدلّان على أنّ «الياسين» جمع إلياس.
قوله تعالى : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨) وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(١٤٧)
قوله تعالى : (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) تقدم الكلام على نظيره ، وقوله : «مصبحين» حال (٥) ، وهو من أصبح التامة (٦) أي داخلين في الصّباح ، ومنه :
٤٢٢٢ ـ إذا سمعت بسرى القي |
|
ن فاعلم بأنّه مصبح (٧) |
أي مقيم (٨) في الصباح ، وتقدم ذلك في سورة الروم ، و «باللّيل» عطف على الجارّ قبلها ، أي ملتبسين (٩) بالليل ، والمعنى أن أولئك القوم كانوا يسافرون إلى الشام ، والمسافر في أكثر الأمر إنما يمشي في الليل أو في النهار فلهذا السبب عبر تعالى عن هذين الوقتين ثم قال : (وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) أي ليس فيكم عقول تعتبرون بها (١٠) قوله : (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قرىء بضم النون وكسرها ، قاله الزمخشري (١١) ، قال ابن الخطيب : وإنّما صارت هذه القصة آخر القصص لأنه لم يصبر على أذى قومه (١٢) ، قال
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٥٦٩.
(٢) المحتسب لابن جني ٢ / ٢٢٣.
(٣) السابق. وانظر مختصر ابن خالويه ١٢٨ ومعاني الفراء ٢ / ٣٩٢.
(٤) السابق.
(٥) الدر المصون ٤ / ٥٦٩.
(٦) أي التي لا تحتاج إلى اسم وخبر وإنما إلى فاعل فقط كقوله عزّت أسماؤه : «وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة» أي وإن وجد صاحب عسرة.
(٧) في «ب» تصبح.
(٨) في «ب» تقيم.
(٩) الدر المصون ٤ / ٥٦٩.
(١٠) قاله الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٦٣.
(١١) انظر : الكشاف ٣ / ٣٥٣.
(١٢) قاله في تفسيره «التفسير الكبير» ٢٦ / ١٦٣.