المفسرون : بعث الله تعالى يونس عليه (الصلاة و) السلام إلى أرض نينوى من أرض الموصل فدعاهم إلى الله ـ عزوجل ـ فكذبوه وتمادوا عليه على كفرهم فلما طال ذلك عليه خرج من بين أظهرهم وواعدهم حلول العذاب بعد ثلاث كما سيأتي (١).
قوله : (إِذْ أَبَقَ) (ظرف (٢) للمرسلين (٣) ، أي هو من المرسلين ، حتى في هذه الحالة و «أبق» هرب يقال : أبق العبد يأبق إباقا فهو آبق و) الجمع إباق كضراب (٤) ، وفيه لغة ثانية أبق بالكسر يأبق بالفتح وتأبّق الرجل تشبه به في الاستتار (٥) ، وقول الشاعر :
٤٢٢٣ ـ .......... |
|
(و) قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا (٦) |
قيل : هو القتب. (قوله) (٧) : «فساهم» أي فغالبهم في المساهمة وهي الاقتراع ، وأصله (أن)(٨) يخرج السهم على من غلب (فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) أي المغلوبين ، يقال أدحض الله حجّته (٩) فدحضت أي أزالها فزالت وأصل الكلمة من الدّحض وهو الزّلق يقال : دحضت رجل البعير إذا زلقت(١٠).
فصل
قال ابن عباس ووهب : كان يونس وعد قومه العذاب فلما تأخر عنهم خرج كالمتشرّد منهم فقصد البحر فركب السفينة فاحتبست السفينة فقال الملاحون : ههنا عبد أبق من سيده فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس فاقترعوا ثلاثا فوقعت على يونس فقال يونس : أنا الآبق وزجّ نفسه في الماء (١١).
قوله : (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) المليم الذي أتى بما يلام عليه (١٢). قال :
__________________
(١) قاله القرطبي في ٨ / ٣٨٤ و ١١ / ٣٢٩ و ١٥ / ١٢١.
(٢) ما بين القوسين كله ساقط من «ب».
(٣) الدر المصون ٤ / ٥٦٩.
(٤) انظر : اللسان : «أب ق» ، والغريب ٣٧٤ والمجاز ٣ / ١٧٤ ، ومعاني الزجاج ٤ / ٣١٢.
(٥) اللسان لم يتعرض لهذه اللغة. وقد قال بها السمين في الدر ٤ / ٥٦٩ و ٥٧٠.
(٦) هذا عجز بيت من البسيط لزهير وصدره :
القائد الخيل منكوبا دوابرها |
|
.......... |
وهو يمدح هذا الرجل الذي يركب الخيل التي أحكم سرجها بحبال متينة من ليف. وأتى به شاهدا على أن الأبق هو القتب شجر تؤخذ منه مادة الحشيش ، أو هو ليفه ، أو هو الكتان. انظر : اللسان : «أب ق» ٩ ومعاني الأخفش ٤٢ وديوانه (٤٩) والدر المصون ٤ / ٥٧٠.
(٧) سقط من «ب».
(٨) كذلك.
(٩) اللسان : «س ه م» ٢١٣٥ والغريب ٣٧٤.
(١٠) السابق. وانظر اللسان : «د ح ض» ١٣٣٥.
(١١) انظر تلك في تفسير البغوي ٦ / ٣٦ والخازن ٦ / ٣٦ أيضا.
(١٢) قاله الزجاج في معاني القرآن ٤ / ٣١٣ وأبو عبيدة في المجاز ٢ / ١٧٤ وقال عنه الفراء في المعاني ٢ / ٣٩٣ ـ