البناء للمفعول (١). وهي مؤيدة لما نقله النّحّاس وفي الآية قراءات كثيرة أضربت علها لمخالفتها الشواذ (٢) وأن» في «أن لو» الظاهر أنها مصدرية مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن و «لو» فاصلة بينها وبين خبرها الفعليّ (٣). وتقدم تحقيق ذلك كقوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) [الجن: ١٦] و (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) [الأعراف : ١٠٠] وقال ابن عطية : وذهب سيبويه إلى أنّ (٤) «أن» لا موضع لها من الإعراب إنما هي مؤذنة بجواب ما ينزل منزلة القسم من الفعل الذي معناه التحقيق واليقين (٥) ؛ لأن هذه الأفعال التي هي تحققت وتيقنت وعلمت ونحوها تحلّ محلّ القسم فما لبثوا جواب القسم لا جواب «لو» (٦) وعلى الأقوال الأول يكون جوابها. قال شهاب الدين : وظاهر (٧) هذا أنها زائدة لأنهم نصوا على اطّراد زيادتها قبل لو في حيّز القسم (٨).
وللناس خلاف هل الجواب للو أو للقسم. والذي يقتضيه القياس أن يجاب أسبقهما (٩) كما في اجتماعه مع الشرط الصريح ما لم يتقدمهما ذو خبر كما تقدم بيانه.
وتقدم الكلام والقراءات في سبأ في سورة (١٠) النمل.
فصل (١١)
المعنى أن سليمان لما سقط ميتا تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين أي في التّعب والشقاء مسخرين لسليمان وهو ميت يظنونه حيا أراد الله بذلك أن يعلم الجن أنهم لا يعلمون الغيب لأنهم كانوا يظنون أنهم يعلمون الغيب
__________________
(١) المرجع السابق وانظر : مختصر ابن خالويه ١٢١ والبحر المحيط ٧ / ٢٦٨ وهي عشرية متواترة. انظر : شرح طيبة النّشر ٣٧٨ ، والإتحاف ٣٥٨ ، والنشر ٢ / ٣٥٠ ، وتقريب النشر ١٦٢.
(٢) ومن ذلك ما قاله الزمخشري في الكشاف عن الضحاك «تباينت الإنس بمعنى تعارفت وتعاملت وقراءة ابن مسعود تبيّنت الإنس أنّ الجنّ». انظر : الكشاف ٣ / ٢٨٣ و ٢٨٤.
(٣) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٤٢٥.
(٤) الكتاب ٣ / ١٠٩ و ١١٠.
(٥) في «ب» والنفي. والتصحيح من «أ».
(٦) ذكر رأيه البحر ٧ / ٢٦٧ و ٢٦٨.
(٧) الدر المصون ٤ / ٤٢٦.
(٨) مذكورا أو متروكا وهذا قول سيبويه وغيره. وفي معرب ابن عصفور أنها في ذلك حرف جيء به لربط الجواب بالقسم ويبعده أن الأكثر تركها والحروف الرابطة ليست كذلك. انظر : المغني ٣٣.
(٩) قال العلامة الرضي في شرح الكافية ٢ / ٢٩١ : «اعلم أن القسم إذا تقدم على الشرط فإما أن يتقدم على القسم ما يطلب الخبر نحو : «زيد والله إن أتيته يأتك ، وإنّ زيدا والله إن أكرمته يجازيك» أو لا يتقدم فإذا تقدم القسم أوّل الكلام ظاهرا أو مقدرا وبعده كلمة الشرط سواء كانت إن أو لو أو لو لا أو أسماء الشرط فالأكثر والأولى اعتبار القسم دون الشرط فيجعل الجواب للقسم ويستغنى عن جواب الشرط لقيام جواب القسم مقامه». انظر : شرح الكافية للعلامة رضي الدين ٢ / ٣٩١ و ٣٩٢.
(١٠) انظر : اللباب الجزء السادس ميكرو فيلم وسيجيء.
(١١) سقط من «أ».