القول والكلام نحو : انطلق لسانه (١) فأن مفسرة له من غير تضمين ولا حذف. والمشي الظاهر أنّه هو المتعارف. وقيل : (بل) (٢) هو دعاء بكثرة الماشية. وهذا فاسد لفظا ومعنى ، أما اللفظ فلأنه إنما يقال من هذه المعنى : أمشى الرّجل إذا كثرت ماشيته ، بالألف ؛ أي صار ذا ماشية فكان ينبغي على هذا أن يقرأ أمشوا بقطع الهمزة مفتوحة (٣). وأما المعنى فليس مرادا البتة وأي معنى على ذلك (٤) ، إلا أن الزمخشري ذكر وجها صحيحا من حيث الصناعة وأقرب معنى ممّا تقدم (فقال (٥)) : ويجوز أنهم قالوا امشوا أي اكثروا واجتمعوا من : مشت المرأة إذا كثرت ولادتها ، ومنه : الماشية للتفاؤل انتهى (٦) وإذا وقف على «أن» وابتدىء (٧) بما بعدها فليبتدأ (٨) بكسر الهمزة لا بضمّها ، لأن الثالث (٩) مكسور تقديرا إذ الأصل : امشيوا ، ثم أعلّ بالحذف (١٠) ، وهذا كما يبتدأ بضم الهمزة في قولك : أغزي يا امرأة ، وإن كانت الزاي مكسورة لأنها مضمومة ، إذا الأصل اغزوي كاخرجي فأعلّ بالحذف (١١).
فصل
لما أسلم عمر وحصل للمسلمين قوة لمكانه (١٢) قال المشركون : إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لشيء يراد بنا ، وقيل : يراد بأهل الأرض ، وقيل : يراد بمحمد (أن) (١٣) يملك علينا (١٤) ، وقيل : إن دينكم لشيء يراد أي يطلب ليؤخذ عنكم (١٥).
قوله : (ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ) أي ما سمعنا بهذا الذي يقول (ه) (١٦) محمد من التوحيد في الملة الآخرة ، قال ابن عباس والكلبي ومقاتل : يعنون في النصرانية لأنها آخر الملل وهم لا يوحدون بل يقولون : ثالث ثلاثة ، وقال مجاهد وقتادة : يعنون ملّة قريش دينهم الذي هم عليه (١٧).
__________________
(١) هذا معنى كلام الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٦٠ قال : «يجوز أن يراد بالانطلاق الاندفاع في القول وأنهم قالوا امشوا أي اكثروا واجتمعوا».
(٢) سقط من ب.
(٣) قال بهذين الوجهين صاحب الدر المصون ٤ / ٥٩٢ والبحر ٧ / ٣٨٥.
(٤) السابق.
(٥) سقط من ب.
(٦) الكشاف ٣ / ٣٦٠.
(٧) في ب : ابتدأ بالبناء للفاعل غير مراد.
(٨) كذلك في ب : فليبتدىء بالبناء للفاعل أيضا. وهو غير مراد أيضا.
(٩) أي الحرف الثالث وهو الشين.
(١٠) بأن تطرفت الواو وحذفت فاستثقل الضم على الياء فنقل إلى الشين وحذفت الواو بعد ما اجتمع ساكنان هي والياء.
(١١) الدر ٤ / ٥٩٢.
(١٢) في ب : بمكانه.
(١٣) سقط من ب.
(١٤) البغوي ٢٦ / ٤٢.
(١٥) الرازي ٢٦ / ١٧٨.
(١٦) الهاء ساقطة من ب.
(١٧) معالم التنزيل المرجع السابق.