قوله : «في الملّة» وفيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلق «بسمعنا» أي (لم نسمع في الملة الآخرة بهذا الذي جئت به.
والثاني : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من هذا أي ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة) (١) أي لم نسمع من الكهّان ولا من أهل الكتب أنه يحدث توحيد الله في الملة الآخرة. وهذا من فرط كذبهم.
قوله : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) أي افتعال وكذب.
(قوله) (٢) : أأنزل عليه الذّكر (من بيننا) ، قد تقدم حكم هاتين الهمزتين في أوائل آل عمران(٣) ، وأن الوارد منه في القرآن ثلاثة أماكن (٤) ، والإضرابات في هذه الآية واضحة و «أم» منقطعة (٥).
فصل
المعنى أأنزل عليه الذكر أي القرآن من بيننا وليس بأكبرنا ولا أشرفنا ، وهذا استفهام على سبيل الإنكار فأجابهم الله تعالى بقوله : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) (أي وحيي (٦) وما أنزلت) ، (وقيل : بل هم في شك (٧) من ذكري) أي من الدلائل التي لو نظروا فيها لزال هذا الشك عنهم (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) ولو ذاقوه لما قالوا هذا القول ، وقيل : معنى (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) هو أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يخوفهم من عذاب الله لو أصروا على الكفر. ثم إنهم أصروا على الكفر ولم ينزل عليهم العذاب فصار (٨) ذلك سببا لشكهم في صدقه و (قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) [الأنفال : ٣٢] (من السّماء) (٩).
قوله : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) يعني مفاتيح نعمة ربك وهي النبوة يعطونها
__________________
(١) انظر في هذا البحر لأبي حيان ٧ / ٣٨٥ والكشاف للزمخشري ٣ / ٣٦١ والدر المصون للسمين ٤ / ٥٩٣ وما بين القوسين كله سقط من ب.
(٢) سقط من النسختين فهي زيادة تكميلية.
(٣) عند قوله تعالى :«قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ» من الآية ١٥ منها.
(٤) يقصد بالأماكن الثلاثة هذه الآية التي نحن بصددها من «ص» والآية التي حققت الآن من سورة «آل عمران» والآية ٢٥ من سورة «القمر» «أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ» فتلك ثلاث آيات في ثلاثة أماكن مختلفة.
(٥) يقصد بالإضراب (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ) و (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ). ومعنى انقطاع أم عدم مفارقة الإضراب لها والإضراب هنا متضمن استفهاما إنكاريا. (بتصرف من المغني ٤٤).
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) سقط أيضا من ب.
(٨) في ب : فجاز وهو مخالف لما في الرازي.
(٩) من السماء زيادة من ب.