والفتح هو القياس لأن الفعل متى ضمت عين مضارعه أو فتحت جاء المفعل منه زمانا أو مكانا أو مصدرا بالفتح والكسر مسموع على غير قياس (١) ، وقال أبو الحسن : كسر الكاف لغة فاشية وهي لغة الناس اليوم والكسر لغة الحجاز وهي قليلة (٢) وقال الفراء : هي لغة يمانية فصيحة(٣).
و «مسكنهم» يحتمل أن يراد به المكان ، وأن يراد به المصدر أي السّكنى (٤) ، ورجح بعضهم الثاني ، قال : لأن المصدر يشمل الكل ، فليس فيه وضع مفرد موضع جمع بخلاف الأول فإن فيه وضع المفرد موضع الجمع ، كما تقرر (٥) ، لكن سيبويه يأباه إلّا ضرورة (٦) كقوله :
٤١٢٦ ـ .......... |
|
قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس (٧) |
أي جلود ، وأما الجمع فهو الظاهر لأن كل واحد مسكن ، ورسم في المصاحف دون ألف بعد الكاف فلذلك احتمل القراءات المذكورة.
فصل
لما بين حال الشاكرين لنعمه بذكر داود وسليمان بيّن حال الكافرين بأنعمه (٨) ، بحكاية أهل «سبأ» (٩) وقرىء سبأ بالفتح على أنه اسم بقعة ، وبالجر مع التنوين على أنه
__________________
ـ وهو الجمع وساغ ذلك الإفراد لعدم اللبس. وانظر : الكتاب ١ / ٢١٠ والبحر ٧ / ٢٦٩ ، والمحتسب ٢ / ٨٧ وابن يعيش ٥ / ٨ و ٦ / ٢١ و ٢٢ وهمع الهوامع ١ / ٥٠ ومعاني الفراء ١ / ٣٠٧ ومجمع البيان ١ / ٥٩ والصاحبي ٣٤٨ والمقتضب ٢ / ١٧٠ والخزانة ٧ / ٥٥٩ و ٥٦٤ والدّرّ المصون ٤ / ٤٢٦ والمقتصد ٦٩٦ ومعاني الفراء ٢ / ١٠٢.
(١) الدر المصون ٤ / ٤٢٦.
(٢) السابق.
(٣) معاني الفراء ٢ / ٣٥٧.
(٤) قال بذلك مكي في الكشف ٢ / ٢٠٤ وأبو البقاء في التبيان ١٠٥٦ ومكي في المشكل ٢ / ٢٠٦ والفراء في المعاني ٢ / ٣٥٧.
(٥) لعله مكي في الكشف فقد قال : وحجة من وحد أنه بمعنى السكنى فهو مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه فاستغني به عن الجمع مع خفة الواحد.
(٦) قال : «وليس يمستنكر في كلامهم أن يكون اللفظ واحدا والمعنى جميع حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام». الكتاب ١ / ٢٠٩ و ٢١٠.
(٧) هذا عجز بيت من البسيط صدره :
تدعوك تيم وتيم في قرى سبأ |
|
.......... |
وهو في الديوان ديوان جرير ٢٥ دار صادر و ٣٢٥ الصاوي وعجزه فقط في الأمالي الشجرية ٢ / ٣٨.
و ٣٤٣ والشاهد : جلد الجواميس ، حيث أطلق المفرد وأريد الجمع : جلود ، ضرورة على زعم سيبويه.
وانظر : إيضاح الشعر ٥٦٩ ومعاني الفراء ١ / ٣٠٨ و ٢ / ١٠٢ و ٢٩٠ و ٣٥٨ والكشاف ٣ / ١٤٤ ، وشرح شواهده ٤٣١ والبحر المحيط ٧ / ٢٦٩.
(٨) في «ب» لأنعمه.
(٩) قاله الفخر الرازي ٢٥ / ٢٥٠.