الهواء (١) بين السماء والأرض حتى يموت. وقال مجاهد ومقاتل بن حيّان كان يمد الرجل مستلقيا على الأرض ثم يشد (٢) يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد. وقال السدي : كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقارب والحيّات. وقال قتادة وعطاء : كانت له أوتاد وأرسان (٣) وملاعب يلعب عليها بين يديه (٤) ، ثم قال : (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) تقدم الخلاف في الأيكة في سورة الشعراء (٥).
قوله : (أُولئِكَ الْأَحْزابُ) يجوز أن تكون مستأنفة لا محل لها (من الإعراب) وأن تكون خبرا ، والمبتدأ قال أبو البقاء (من) قوله : (وَعادٌ) وأن يكون من «ثمود» وأن يكون من قوله (وَقَوْمُ لُوطٍ)(٦).
قال شهاب الدين (٧) : الظاهر عطف (عاد) وما بعدها على «قوم نوح» واستئناف الجملة بعده ، وكان يسوغ على ما قاله أبو البقاء أن يكون المبتدأ وحده (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ).
فصل
المعنى أن هؤلاء الذين ذكرناهم من (٨) الأمم هم الذين تحزبوا على أنبيائهم فأهلكناهم وكذلك قومك هم من جنس الأحزاب المتقدمين. وقيل : المعنى أولئك الأحزاب (٩) مع كمال قوّتهم لما كان عاقبتهم هي الهلاك والبوار فكيف حال هؤلاء الضعفاء (المساكين) (١٠)؟
قوله : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) إن نافية ولا عمل لها هنا البتة ولو على لغة من قال :
__________________
(١) وفيها الهوى بالقصر. وهو الحب بخلاف الهواء.
(٢) وفيها يمد لا يشد.
(٣) أي أحبال جمع رسن ، وفي المثل مر الصعاليك بأرسان الخيل. اللسان (ر س ن).
(٤) وانظر : البغوي والخازن ٦ / ٤٣ والقرطبي ١٥٤ / ١٥ وانظر البيت في القرطبي المرجع السابق واللسان وتد ٥٧ والبحر ٧ / ٣٨١ والدر المصون ٤ / ٥٩٥ و «ليس» لابن خالويه ٥٨ وفتح القدير ٤ / ٤٢٣.
(٥) قرأ نافع وابن كثير «ليكة» بلام واحدة وفتح التاء جعلوه اسما غير معرف بأل مضافا إليه أصحاب هنا ، وفي سورة (ص) خاصة والباقون الأيكة معرفا بأل موافقة لما أجمع عليه في الحجر وفي (ق). وقد اضطربت أقوال العلماء مفسرين ولغويين في قراءة نافع هذه فانظرها بالتفصيل هناك اللباب ميكروفيلم سورة الشعراء.
(٦) التبيان ١٠٩٨.
(٧) كتابه ٤ / ٥٩٥.
(٨) كذا هي هنا وفي الرازي وفي ب : في.
(٩) مبالغة لوصفهم بالقوة والكثرة كما يقال : فلان هو الرّجل.
(١٠) زيادة من ب عن أ. وهي في الرازي وانظر : تفسير الرازي ٢٦ / ١٨٢.