التجدد والحدوث شيئا بعد شيء كقول الأعشى :
٤٢٦١ ـ لعمري لقد لاحت عيون كثيرة |
|
إلى ضوء نار في بقاع تحرّق (١) |
أي تحرق (٢) شيئا فشيئا ، ولو قال : محرقة (٣) لم يدل على هذا المعنى.
فصل
المعنى يسبحن بتسبيحه. (و) (٤) في كيفية تسبيح الجبال وجوه :
الأول : أن الله تعالى يخلق في جسم الجبل حياة وعقلا وقدرة ونطقا ، فحينئذ يصير الجبل مسبحا لله تعالى.
الثاني : قال القفال : إن داود ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ أوتي من شدة الصوت وحسنه ما كان له في الجبال دويّ حسن وما يصغي الطير (إليه) (٥) لحسنه فيكون دويّ الجبال وتصويت الطير معه وإصغاؤها إليه تسبيحا ، وروى محمد بن إسحاق أن الله تعالى لم يعط أحدا من خلقه مثل صوت داود حتى إنه كان إذا قرأ الزبور دنت منه الوحوش حتى تؤخذ (٦) بأعناقها.
الثالث : أن الله تعالى سخر الجبال حتى إنّها كانت تسير إلى حيث يريده داود فجعل ذلك السير تسبيحا لأنه يدل على كمال قدرة الله وحكمته (٧).
قوله : (بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) قال الكلبي غدوة وعشيّا (٨) والإشراق هو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوؤها قال الزجاج : يقال شرقت الشمس (إذا (٩) طلعت ، وأشرقت إذا أضاءت ، وقيل : هما بمعنى. والأول أكثر (١٠). تقول العرب شرقت الشمس) والماء يشرق (١١) ، وفسره ابن عباس بصلاة الضحى. قال ابن عباس كنت أمر بهذه الآية لا أدري ما هي حتى حدثتني أمّ هانىء بنت أبي طالب أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دخل عليها فدعا بوضوء فتوضأ ثمّ صلّى الضّحى وقال يا أم هانىء : هذه صلاة الإشراق (١٢). وروى
__________________
(١) من الطويل من قصيدة في مدح المحلق وشاهده التعبير بالمضارع في «تحرق» دون الاسم محرقة لأن الجملة الفعلية تدل على التجدد والحدوث بخلاف الاسمية فإنها تدل على الثبوت والاستمرار على حال واحدة. وانظر : الكشاف ٣ / ٣٦٤ والدر المصون ٤ / ٥٩٧ وشرح شواهد الكشاف ٤٦٥ ، ٤٦٦ ودلائل الإعجاز ١٩٥ وديوانه ١٢٠.
(٢) في ب : يجري. لحن وتحريف.
(٣) في ب : محرق. بالإفراد.
(٤) الواو سقطت من ب.
(٥) كذلك.
(٦) في ب : يأخذ. وانظر : الرازي ٢٦ / ١٨٥.
(٧) الرازي المرجع السابق.
(٨) معالم التنزيل للبغوي ٦ / ٤٤.
(٩) ما بين القوسين كله ساقط من ب.
(١٠) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٢٤.
(١١) الرازي ٢٦ / ٨٦.
(١٢) البغوي ٦ / ٤٤ والقرطبي ١٥ / ١٥٩ ، ١٦٠.