قوله : «وعزّني» أي غلبني ، قال :
٤٢٦٤ ـ قطاة عزّها شرك فباتت |
|
تجاذبه وقد علق الجناح (١) |
يقال : عزّه يعزّه بضم العين. وتقدم تحقيقه في يس عند قوله تعالى : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ.)
وقرأ طلحة وأبو حيوة : «وعزني» بالتخفيف (٢). قال ابن جنّي : حذف الزاي الواحدة تخفيفا كما قال الشاعر :
٤٢٦٥ ـ .......... |
|
أحسن به فهنّ إليه شوس (٣) |
يريد أحسسن فحذف. وتروى هذه قراءة عن عاصم. وقرأ عبد الله والحسن وأبو وائل ومسروق والضحاك : وعازّني بألف مع تشديد الزاي (٤) أي غالبني.
قوله : (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) مصدر مضاف لمفعوله. والفاعل محذوف أي بأن (٥) سألك نعجتك(٦) ، وضمّن السؤال معنى الإضافة والانضمام أي بإضافة نعجتك على سبيل السؤال ولذلك عدي (بإلى)(٧).
فصل
قال ابن الخطيب : للناس في هذه القصة ثلاثة أقوال :
أحدها : أن هذه القصة دلت على صدور الكبيرة عنه.
وثانيها : دلالتها على الصغيرة.
وثالثها : لا تدل على كبيرة ولا على صغيرة ، فأما القول الأول فقالوا : إن داود
__________________
(١) من الوافر لقيس بن الملوح وهو مجنون ليلى ، و «قطاة» من طيور الصحراء و «عزّها» غلبها وأمسك بها. وهو موطن الشاهد حيث العزّ هنا وفي الآية الشريفة معناه الغلبة. وانظر البحر المحيط ٧ / ٣٨٨ والدر المصون ٤ / ٦٠١ والقرطبي ١٥ / ١٧٤ والكشاف ٣ / ٣٦٩ وشرح شواهده ٣٦٣ وكامل المبرد ٣ / ٣٧ وديوانه ٩٠.
(٢) من القراءات الشاذة غير المتواترة ، وانظر : الكشاف ٣ / ٣٦٩ وابن خالويه ١٣٠ والمحتسب ٢ / ٢٣٢.
(٣) عجز بيت من تمام الوافر لأبي زبيد الطّائيّ وصدره :
خلا أن العتاق من المطايا |
|
.......... |
ديوانه ٩٦ وفي رواية الديوان : «حسسن» وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه والبيت يصف قوما تبعهم أسد وهم لا يحسون به إلا أن المطايا أحسّت به فهي تنظر بمؤخر عينها نحوه وهو معنى تشوس وشوس جمع أشوس والمؤنث شوساء. ويروى البيت : حسسن. وعليها أيضا فلا شاهد. والشاهد : «أحسن» حيث أن الأصل أحسسن فخفف بحذف أحد المثلين. وقد تقدم.
(٤) من الشواذّ. انظر : الكشاف ٣ / ٣٦٩ والمختصر ١٣٠.
(٥) في ب بأنه.
(٦) البيان ٢ / ٣١٤ والتبيان للعكبري ١٠٩٩ والبحر ٧ / ٣٩٣.
(٧) المرجع السابق.