الثاني : أنه حال (١) من : «عطاؤنا» أي في حال كونه غير محاسب عليه لأنه جمّ كثير يعسر على الحسّاب ضبطه.
الثالث : أنه متعلق «بامنن» أو «أمسك» (٢) ، ويجوز أن يكون حالا من فاعلهما أي غير محاسب (٣) عليه.
فصل
قال المفسرون : معناه لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما (أ) (٤) مسكت ، قال الحسن : ما أنعم الله على أحد نعمة إلا عليه تبعة إلا سليمان ، فإنه (إن) (٥) أعطى أجر وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة. وقال مقاتل : هذا في أمر الشياطين يعني خل من شئت منهم وأمسك من شئت (منهم) (٦) في وثاقك لا تبعة عليك فيما تتعاطاه (٧).
قوله : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) نسقا (٨) على اسم «إنّ» وهو «لزلفى».
وقرأ الحسن وابن أبي عبلة برفعه (٩) على الابتداء ، وخبره مضمر ، لدلالة ما تقدم عليه ، ويقفان على (لزلفى) ويبتدئان ب (حُسْنَ مَآبٍ) ؛ أي وحسن مآب له أيضا (١٠).
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)(٤٤)
قوله : (تعالى) (١١) : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) كقوله (وَاذْكُرْ (١٢) عَبْدَنا داوُدَ) وفيه الثلاثة الأوجه (١٣) ، و (إِذْ نادى) بدل منه بدل اشتمال (١٤) أي بأني (١٥) ، وقوله : «أنّي» جاء به على حكاية كلامه الذي ناداه بسببه ولو لم يحكه لقال : (إِنْ مَسَّهُ) لأن غائب (١٦).
__________________
(١) التباين والدر المرجعين السابقين.
(٢) السابقين.
(٣) الدر المصون السابق.
(٤) الهمزة سقطت من ب.
(٥) سقط من ب.
(٦) منهم زيادة من ب.
(٧) وانظر : معالم التنزيل للبغوي ٦ / ٦٠ وكذلك لباب التأويل للخازن ٦ / ٦٠.
(٨) يقصد : «وَحُسْنَ مَآبٍ» بالنصب وهي قراءة العامة.
(٩) ذكرها أبو حيان في البحر ٧ / ٣٩٩ والسمين في الدر ٤ / ٦١١ وهي من الشّواذّ.
(١٠) المرجع الأخير السابق.
(١١) زيادة من أ.
(١٢) كذلك.
(١٣) من البدلية وعطف البيان أو المفعولية بإضمار أعني.
(١٤) الكشاف ٣ / ٣٧٦ والسّمين ٤ / ٦١١.
(١٥) كذا في النسختين ويقصد قوله : «أَنِّي مَسَّنِيَ» أي بأني مسّني. المرجع السابق وهو الكشاف.
(١٦) قاله في الكشاف ٣ / ٣٧٦ والدر المصون ٤ / ٦١١.