يتغايرن (١) ، وقيل : أتراب للأزواج ، وقال القفال : والسبب في اعتبار هذه الصفة أنهن لما تشابهن في الصّفة والسن والجبلّة (٢) كان الميل إليهن على السّويّة وذلك يقتضي عدم الغيرة (٣).
قوله : (هذا ما تُوعَدُونَ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو : «هذا ما يوعدون» بياء الغيبة وفي (ق)(٤) (و) (٥) ابن كثير وحده. والباقون بالخطاب فيهما (٦). ووجه الغيبة هنا وفي (ق) تقدم ذكر المتقين ووجه الخطاب الالتفات إليهم والإقبال عليهم ؛ أي قل للمتّقين هذا ما توعدون ليوم الحساب أي في يوم الحساب. (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) أي فناء وانقطاع ، وهذا إخبار عن دوام هذا الثواب.
قوله : (مِنْ نَفادٍ) إما مبتدأ وإما فاعل و «من» مزيدة ، والجملة في محل نصب على الحال من رزقنا أي غير فان (٧) ، ويجوز أن يكون خبرا (٨) ثانيا.
قوله تعالى : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١) وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)(٦٤)
قوله : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) يجوز أن يكون «هذا» مبتدأ ، والخبر مقدر ، فقدره الزمخشر : «هذا كما ذكر» (٩) وقدره أبو علي هذا للمؤمنين (١٠) ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي الأمر هذا (١١).
فصل
لما وصف ثواب المؤمنين وصف بعده عقاب الظالمين ليكون الوعيد مذكورا عقيب الوعد والترهيب عقيب الترغيب فقال : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) أي مرجع ، وهذا في
__________________
(١) وانظر : البغوي ٦ / ٦٢.
(٢) في الرازي : والجبلية.
(٣) وانظر الرازي ٢٦ / ٢١٩.
(٤) في قوله : «هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ».
(٥) زيادة لا معنى لها من أ.
(٦) من القراءة المتواترة وانظر : الإتحاف ٣٧٣ والكشف ٢ / ٢٣٢ والنشر ٢ / ٣٦١.
(٧) التبيان ١١٠٣ ، ١١٠٤ والدر المصون ٤ / ٦١٧.
(٨) السابق.
(٩) الكشاف ٣ / ٣٧٩.
(١٠) البحر المحيط ٧ / ٤٠٥ والحجة ٧ / ٤٠.
(١١) هذا رأي أبي إسحاق الزجاج في المعاني ٤ / ٣٣٨ وأحد قولي الزّمخشريّ في الكشاف ٣ / ٣٧٩.