أحدها : أنه صفة «لذلك» (١) على اللفظ ، قال الزمخشري : لأن أسماء الإشارة توصف بأسماء الأجناس (٢) وهذا فيه نظر لأنهم نصوا على أن أسماء الإشارة لا توصف إلا بما فيه أل نحوه : (مررت) (٣) بهذا الرجل ولا يجوز : (مررت) (٤) بهذا غلام الرجل ، فهذا أبعد ، ولأن الصحيح أن الواقع بعد اسم الإشارة المقارن «لأل» إن كان مشتقا كان صفة وإلا كان بدلا ، و «تخاصم» ليس مشتقا (٥).
الثاني : أنه بدل من «ذلك» (٦) الثالث : أنه عطف بيان (٧).
الرابع : على إضمار أعني (٨) ، وقال أبو الفضل : ولو نصب «تخاصم» على أنه بدل من «ذلك» لجاز انتهى (٩). كأنه لم يطلع عليها قراءة. وقرأ ابن السّميقع «تخاصم» (١٠) فعلا ماضيا «أهل» فاعل به وهي جملة استئنافية ، وإنما سمى الله تعالى تلك الكلمات تخاصما لأن قول الرؤساء : (لا مَرْحَباً بِهِمْ) وقول الأتباع (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) من باب الخصومة (١١).
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)(٦٨)
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) لما شرح الله نعيم أهل الثّواب وعقاب أهل العقاب عاد إلى تقرير التوحيد والنبوة والبعث المذكورين أول السورة فقال : قل يا محمد إنما أنا منذر مخوف ولا بد من الإقرار بأنه ما من إله إلا الله الواحد القهار فكونه واحدا يدل على عدم التشريك وكونه قهارا مشعر بالترهيب والتخويف ولما ذكر ذلك أردفه بما يدل على الرجاء والترغيب فقال : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) فكونه ربّا يشعر بالتربية والإحسان والكرم والجود وكونه غفارا يشعر بأن العبد لو أقدر على المعاصي والذنوب فإنه يغفر برحمته. وهذا الموصوف هو الذي (يجب (١٢) عبادته لأنه هو الذي يخشى عقابه ويرجى ثوابه ويجوز أن يكون) (رَبُّ السَّماواتِ) خبر مبتدأ مضمر ، وفيه معنى المدح.
قوله : (هُوَ نَبَأٌ) (هو) يعود على القرآن وما فيه من القصص والأخبار ، وقيل : على
__________________
(١) الكشاف المرجع السابق والدر المصون ٤ / ٦٢٤ والبحر ٧ / ٤٠٧.
(٢) الكشاف السابق.
(٣ و ٤) كلمة مررت زيادة للسياق.
(٣ و ٤) كلمة مررت زيادة للسياق.
(٥) فبقي أن يكون معربا بالإعراب الآخر وهو البدلية ، أو عطف البيان ، أو على إضمار أعني. وانظر هذا التوجيه والاعتراض على الزمخشري في الدّر المصون ٤ / ١٢٤.
(٦ و ٧ و ٨) المرجع السابق.
(٩) نقله عنه صاحب البحر ٧ / ٤٠٧.
(١٠) من الشواذ غير المتواترة أوردها ابن خالويه في المختصر ١٣٠.
(١١) قاله الإمام الرازي ٢٦ / ٢٢٣.
(١٢) ما بين القوسين سقط من ب وانظر الرازي ٢٦ / ٢٢٤ ، ٢٢٥.