تخاصم أهل النار وقيل : على ما تقدم من إخباره ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بأنه نذير مبين وبأن الله إله واحد متصف بتلك الصفات الحسنى (١) و (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) صفة «لنبأ» (٢) ، أو مستأنفة (٣) ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : المراد بالنبأ العظيم القرآن ، وقيل : القيامة لقوله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) [النبأ : ١ و ٢].
قال ابن الخطيب : هذا النبأ العظيم يحتمل وجوها : فيمكن أن يكون المراد به القول بأن «الإله» واحد ، وأن يكون المراد القول بإثبات الحشر والقيامة نبأ عظيم ويمكن أن يكون المراد (كون) (٤) القرآن معجزا لتقدم ذكره في قوله : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) ، وهؤلاء الأقوام أعرضوا عنه (٥). قوله : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) يعني الملائكة فقوله : (بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) متعلق بقوله : (مِنْ عِلْمٍ) وضمن معنى الإحاطة فلذلك تعدى بالباء. و (قد) (٦) تقدم تحقيقه (٧).
قوله تعالى : (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(٨٥)
قوله : (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) فيه وجهان :
أحدهما : هو منصوب بالمصدر (٨) أيضا.
والثاني : بمضاف مقدر أي بكلام الملأ الأعلى إذ (٩) ؛ قاله الزمخشري ، والضمير
__________________
(١) في ب : الحسنة وانظر هذه الأقوال في الكشاف ٣ / ٣٨١ والبحر ٧ / ٤٠٨ ، ٤٠٩ والسمين ٤ / ٦٢٤ والقرطبي ١٥ / ٢٢٩.
(٢) البيان ٢ / ٢١٩ والسمين ٤ / ٦٢٤.
(٣) المرجع السابق.
(٤) سقط من ب.
(٥) مع تغيير طفيف في عبارته وانظر تفسيره ٢٦ / ٢٢٥.
(٦) سقط من ب وانظر : الدر المصون ٤ / ٦٢٥.
(٧) عند قوله تعالى : «وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ» [البقرة : ١٩] فالإحاطة فيه بمعنى العلم. وانظر اللباب ١ / ٢٧ ب.
(٨) وهو العلم وانظر التبيان ١١٠٦ والدر المصون ٤ / ٦٢٥ وقال الكشاف ٣ / ٣٨١ بالثاني كم سيجيء.
(٩) السابق.