أحدهما : أن تكون الميم في «أم» صلة ويكون معنى (١) الكلام استفهاما وجوابه محذوف مجازه : أمّن هو قانت كمن هو غير قانت كقوله : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) [الزمر : ٢٢] يعني كمن لم يشرح صدره.
والثاني : أنه عطف على الاستفهام مجازه : الذي جعل لله أندادا (٢).
فصل
القانت : هو القائم بما يجب عليه من الطاعة ، ومنه قوله عليه (الصلاة و) السلام : «أفضل الصّلاة صلاة القنوت» وهو القائم فيها ومنه القنوت لأنه يدعو قائما ، وعن ابن عمر أنه قال : لا أعلم القنوت إلا قراءة القرآن وطول القيام وتلا : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ). وعن ابن عباس : القنوت الطاعة كقوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) أي مطيعون (٣).
قوله : (آناءَ اللَّيْلِ) آناء منصوب على الظرف (٤). وتقدم اشتقاقه (٥) ، والكلام في مفرده ، والمعنى ساعات الليل. وفي هذه الآية دلالة على أن قيام الليل أفضل من قيام النهار ، قال ابن عابس ـ في رواية عطاء ـ : نزلت في (أبي بكر (٦) الصدّيق ، وقال الضحاك : نزلت في أبي بكر وعمر ، وعن ابن عمر : أنها نزلت في عثمان وعن الكلبي : أنها نزلت في) ابن مسعود ، وعمّار وسلمان (٧).
قوله : «ساجدا» حال و «قائما» حال أيضا وفي صاحبها وجهان :
أظهرهما : أنه الضمير المستتر (في) (٨) «وقانت».
والثاني : أنه الضمير المرفوع «بيحذر» قدما على عاملهما (٩) ، والعامة على نصبهما.
__________________
(١) في البغوي فيكون معنى وفي ب ويكون بمعنى.
(٢) نسي الناسخ وربّما المؤلف أن ينقل كلام البغوي كاملا حتى يستقيم المراد الذي جعل لله أندادا أخير أم من هو قانت. ومن قرأ بالتخفيف فهو ألف استفهام دخلت على من معناه أهذا كالذي جعل لله أندادا.
انظر : معالم التنزيل ٦ / ٦٩.
(٣) انظر : الرازي ٢٦ / ٢٥٠ ومعالم البغوي وتفسير الخازن ٦ / ٦٩ والقرطبي ١٥ / ٢٣٩ وغريب القرآن ٣٨٢ وتأويل المشكل ٣٥٠.
(٤) في الأصل الظروف.
(٥) في ب : انقسامه. تحريف. عند قوله : «آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ»[آل عمران : ١١٣] والآناء من المحتمل أن تكون جمع أنى وزنة عصا بفتح الأول والثاني وأن تكون بزنة أني بفتح الأول وكسر الثاني مثل معي أو بفتح الأول وسكون الثاني أني ككلب في الصحيح وظبي في المعتل وبكسر الأول وسكون الثاني إني ، أو بالكسر والسكون لكن مع واو كجرو والهمزة منقلبة عن ياء أو واو مثل : كساء وعطاء. اللباب ٢ / ٨٦ ب.
(٦) ما بين الأقواس سقط من ب.
(٧) زاد المسير ٧ / ١٦٦ و ١٦٧.
(٨) سقط من ب.
(٩) قال بهذا الإعراب صاحب التبيان ١١٠٩ والسمين في الدر ٤ / ٦٤١.