السموات والأرض والجنة والنار ، والضوء (١) ، والظلمة ، واللوح ، والقلم ، والملائكة ، والشياطين ، والعرش ، والكرسيّ ، والوعد ، والوعيد ، والرجاء ، والخوف والمقصود منه أن بيان كلّ ما سوى الحق زوج يدل على أن كل شيء ممثل (٢) بضدّه ونقيضه وأن الفرد الأحد الحق هو الله تعالى.
قوله : «تقشعرّ» هذه الجملة يجوز أن تكون صفة «لكتاب» (٣) وأن تكون حالا منه لاختصاصه بالصفة ، وأن تكون مستأنفة (٤) ، واقشعر جلده إذا تقبّض (٥) وتجمّع من الخوف وقفّ شعره ، والمصدر الاقشعرار والقشعريرة أيضا (٦) ووزن اقشعرّ افعللّ ، ووزن القشعريرة فعلّيلة (٧).
فصل
قال المفسرون : تقشعر تضطرب وتشمئز (مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) والاقشعرار تغير في جلد الإنسان عند الوجل والخوف ، وقيل المراد من الجلود القلوب أي قلوب الذين يخشون ربهم (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (أي لذكر الله) (٨). قيل : إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرت جلود الخائفين لله وإذا ذكرت آيات الرحمة لانت وسكنت قلوبهم كما قال الله : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : ٢٨] وحقيقة المعنى أن قلوبهم تقشعر عند الخوف وتلين عند الرجاء(٩). قال عليه (الصلاة و) السلام : «إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله تحاتّت (١٠) عنه ذنوبه كما يتحاتّ (١١) عن الشّجرة اليابسة ورقها» (١٢) ، وقال : «إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله حرّمه الله على النّار» (١٣) ، قال قتادة : هذا نعت أولياء الله نعتهم الله بأنهم تقشعرّ جلودهم وتطمئن قلوبهم ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما ذلك في أهل البدع وهو
__________________
(١) في ب : والنور.
(٢) في ب : يمثل. وفي الرازي : مبتلى خطأ. وانظر : الرازي ٢٦ / ٢٧٢.
(٣) قاله التبيان ١١١٠ وفي الدر المصون ٤ / ٦٤٨.
(٤) المرجع السابق.
(٥) في ب : انقبض.
(٦) قاله ابن منظور في اللسان : «ق ش ع» ٣٦٣٨.
(٧) وزنها ابن عصفور في الممتع فعلّيل بدون تاء التأنيث لأن التاء التأنيثية ليست من حروف الزيادة حتى تجيء في الميزان.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب وانظر : معالم التنزيل للبغوي ٦ / ٧٣ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣٥٢ وتفسير الرازي ٢٦ / ٢٧٢ والكشاف ٣ / ٣٩٥.
(٩) البغوي المرجع السابق.
(١٠ و ١١) في ب : تناحت في اللفظين.
(١٢) أخرجه البغوي في تفسيره عن العباس بن عبد المطلب.
(١٣) المرجع السابق عن يزيد بن عبد الله بن الهاد. انظر : البغوي ٦ / ٧٣ بينما خرج الحديث الثاني الحكيم التّرمذيّ في نوادر الأصول عن أبيّ بن كعب وانظر الدر المنثور ٧ / ٢٢٢.