الكواكب السبعة وهم يثبتون بينها منازعة ومشاكسة ، ألا ترى أنهم يقولون : زحل هو النحس الأعظم ، (والمشتري (١) : هو السّعد الأعظم) ، ومنهم من يقول : هذه الأصنام تماثيل الأرواح السماوية وحينئذ (يحصل) (٢) بين تلك الأرواح منازعة ومشاكسة وحينئذ يكون المثال مطابقا ، ومنهم من يقول : هذه الأصنام تماثيل الأشخاص من العلماء والزّهاد (الذين) (٣) مضوا فهم يعبدون هذه التماثيل ليصير أولئك الأشخاص من العلماء والزّهّاد شفعاء لهم عند الله. والقائلون بهذا القول يزعم (٤) كل طائفة منهم أن المحقّ هو ذلك الرجل الذي هو على دينه ، وأنّ من سواه مبطل وعلى هذا التقدير أيضا ينطبق المثال.
قوله : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) يعني أنه لما أبطل القول بإثبات الشركاء والأنداد وثبت أنه لا إله إلا الواحد الأحد المحقّ ثبت أن الحمد له لا لغيره ، ثم قال (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الحمد له لا لغيره ، وأنّ المستحق العبادة هو الله. وقيل : لا يعلمون ما يصيرون إليه ، وقيل : المراد أنه لما سيقت عنده الدلائل الظاهرة قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على حصول هذه البيانات ، وظهور هذه البيّنات وإن كان (أكثر) (٥) الخلق لا يعرفونها. قال البغوي : والمراد بالأكثر الكلّ (٦).
قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ)(٣٧)
قوله : (إِنَّكَ مَيِّتٌ) أي ستموت (وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) أي سيموتون. قال الفراء (٧) والكسائي : الميّت ـ بالتشديد ـ من لم يمت وسيموت والميت ـ بالتخفيف ـ من فارقه (٨)
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) كذلك.
(٣) تكملة من الرازي عن النسختين.
(٤) في ب والرازي تزعم وانظر : الرازي ٢٦ / ٢٧٧ ، ٢٧٨.
(٥) سقط من ب. وهي في الرازي بصيغة : وإن كان أكثر الخلق لم يعرفوها ولم يقفوا عليها وانظر : الرازي ٢٦ / ٢٧٨.
(٦) البغوي في معالم التنزيل ٦ / ٧٥.
(٧) لم أجد نصه هذا أو رأيه في المعاني له بل وجدته في القرطبي ١٥ / ٢٥٤ والبغوي ٦ / ٧٥.
(٨) في ب : وفارق بدون عائد :