الروح ولذلك لم يخفف ههنا. والعامة على ميّت وميّتون ، وقراءة ابن محيصن وابن أبي عبلة واليماني : مائت ومائتون (١) ، وهي صفة مشعرة بحدوثها دون ميّت ، وقد تقدم أنه لا خلاف بين القراء في تثقيل مثل هذا.
فصل
والمراد أن هؤلاء الأقوام وإن لم يلتفتوا إلى هذه الدلائل القاهرة لأجل الحسد فلا تبال (٢) يا محمد بهذا فإنك ستموت وهم أيضا يموتون (٣) «ثمّ إنّكم» تحشرون يوم القيامة وتختصمون عند الله تعالى والعادل الحق (٤) يحكم بينكم فيوصل إلى كل أحد حقه وحينئذ يتميز المحق من (٥) المبطل.
ثم إنه تعالى بين نوعا آخر من قبائح أفعالهم وهم أنهم يكذبون ويضمون إليه أنهم يكذبون القائلالمحق أما كذبهم فهو أنهم أثبتوا لله ولدا وشركاء ، وأما تكذيبهم الصادق فلأنهم يكذبون (القائل (٦) المحق) محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد قيام الدلائل القاطعة على كونه صادقا في ادّعاء النّبوة ، ثم أردفه بالوعيد فقال : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) أي منزل ومقام (٧) للكافرين ، وهذا استفهام بمعنى التقرير (٨).
ولما ذكر (الله) من افترى على الله الكذب أو كذب بالحق ذكر مقابله وهو الذي جاء بالصّدق وصدّق به ، وقوله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) لفظ مفرد ، ومعنا جمع (٩) لأنه أريد به الجنس ، وقيل : لأنه قصد به الجزاء وما كان كذلك كثر فيه وقوع : «الذي» موقع «الذين» ولذلك روعي معناه فجمع في قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) كما روعي معنى «من» في قوله : «للكافرين» فإن «الكافرين» ظاهر واقع موقع المضمر ؛ إذ الأصل مثوى لهم (١٠) ، وقيل : بل الأصل : والذين جاء بالصدق فحذفت النون تخفيفا كقوله : (كَالَّذِي خاضُوا) [التوبة : ٦٩] وهذا وهم ؛ إذ لو قصد ذلك لجاء بعده ضمير الجمع فكان يقال : والّذي جاءوا ، كقوله : (كَالَّذِي خاضُوا)(١١). ويدل عليه أن نون التثنية إذا حذفت عاد الضمير مثنّى كقوله :
__________________
(١) من الأربع فوق العشر المتواترة فقد ذكرها صاحب الإتحاف ٣٧٥ كما ذكرها من الشواذ ابن خالويه ١٣١.
(٢) في ب : فلا تقال. خطأ.
(٣) في ب : سيموتون.
(٤) في ب : المحق.
(٥) كذا في الرازي وفي ب الحق عن الباطل.
(٦) تكرير من أللسطر الأعلى.
(٧) في ب : وقيام.
(٨) كقوله : «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ».
(٩) قال أبو زكريا الفراء : «الذي غير مؤقت فكأنه في مذهب جماع في المعنى» الفراء في معانيه ٢ / ٤١٩ وانظر : التبيان ١١١١ والبيان ٢ / ٣٢٣.
(١٠) هذا معنى كلام أبي حيان في البحر ٧ / ٤٢٨ وباللفظ من الدر المصون ٤ / ٦٥١.
(١١) أورد هاذ الرأي ورده أبو حيان والسمين كل في كتابه الأول في البحر ٧ / ٤٢٨ ، والثاني في الدر ٤ / ٦٥١.