٤٣٠٢ ـ إذا عضّ الثّقاف بها اشمأزّت |
|
وولّته عشوزنة زبونا (١) |
قال الزمخشري : ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز إذ كل واحد منهما في بابه لأن الاستبشار أن يمتلىء قلبه سرورا حتى يظهر ذلك السرور في أسرّة (٢) وجهه ويتهلّل ، والاشمئزاز أن يعظم (غمّه) (٣) وغيظه فينقبض الروح إلى داخل القلب فيبقى في أديم الوجه أثر الغبرة والظلمة الأرضية (٤).
قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨) فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٩) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٥٠) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٥١) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٥٢)
ولما حكى هذا الأمر العجيب الذي تشهد فطرة العقل بفساده أردفه بذكر الدعاء العظيم فقال : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) روى أبو سلمة قال سألت عائشة بم كان يفتتح رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ صلاته بالليل؟ قالت : كان يقول : «اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لم (٥) اختلف فيه الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».
__________________
(١) البيت جاهلي اللفظ فهو لعمرو بن كلثوم من معلقته وهو من الوافر والثّقاف : ما تقوم به الرماح واشمأزت أي نفرت وهو محل الشاهد هنا حيث إن الاشمئزاز بمعنى النفور والتقبض ، وعشوزنة صلبة وزبون تدفع وتضرب برجلها والزبون وصف للعشوزنة يقول : إن رماح قومه قوية تدفع الأعداء فلا ينالون منهم. وانظر : السبع الطوال لابن الأنباري ٤٠٤ والقرطبي ١٥ / ٢٦٤ بلفظ «وولتهم». وانظر شرح معلقة عمرو هذه لابن كيسان ٨٥ واللسان «ثقف» ٤٩٢ والبحر ٧ / ٤٢٦ والدر ٤ / ٦٥٥.
(٢) في الكشاف : بشرة وجهه.
(٣) تكملة من الكشاف فهي بياض من النسخ.
(٤) بالمعنى من الكشاف ٣ / ٤٠١ وباللفظ من الفخر الرازي الذي نقل عنه رأيه هذا معنى ٢٦ / ٢٨٦.
(٥) الأصح : لما اختلف أي للذي اختلف وانظر معالم التنزيل للبغوي ٦ / ٧٨ وتفسير الرازي ٢٦ / ٢٨٦.