قوله : (فَإِذا هُمْ قِيامٌ) العامة على رفع «قيام» خبرا ، وزيد بن عليّ نصبه (١) حالا ، وفيه حينئذ أوجه :
أحدها : أن الخبر «ينظرون» وهو العامل في هذه الحال أي فإذا هم ينظرون قياما.
والثاني : أن العامل في الحال ما عمل في «إذا» الفجائية إذا كانت ظرفا. فإن كانت مكانية ـ كما قال سيبويه ـ (٢) فالتقدير فبالحضرة هم قياما ، وإن كان زمانية كقول الرّمّاني (٣) فتقديره : ففي ذلك الزمان هم قياما أي وجودهم ، وإنما احتيج إلى تقدير مضاف في هذا الوجه لأنه لا يخبر بالزمان (٤) عن الجثث.
الثالث : أن الخبر محذوف هو العامل في الحال أي فإذا هم مبعوثون أو مجموعون قياما ، وإذا جعلنا الفجائية حرفا كقول بعضهم (٥) فالعامل في الحال إما «ينظرون» ، وإمّا الخبر المقدر كما تقدم تحقيقهما.
فصل (٦)
لما ذكر كمال قدرته وعظمته بما سبق ذكره أردفه بذكر طريق آخر يدل أيضا على كمال عظمته وهو شرح مقدمات يوم القيامة ، لأن نفخ الصور يكون قبل ذلك اليوم ، فقال : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ...) الآية.
اختلفوا في الصعقة فقيل : إنها غير الموت لقوله تعالى في موسى ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) [الأعراف : ١٤٣] وهو لم يمت فهذه النفخة تورث الفزع الشديد وعلى هذا فالمراد من نفخ الصعقة ومن نفخ الفزع واحد وهو المذكور في سورة النمل في قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ
__________________
ـ الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٠٩ قال : فإن قلت : (أخرى) ما محلها من الإعراب؟ قلت : يحتمل الرفع والنصب أما الرفع فعلى قوله فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وأما النصب فعلى قراءة من قرأ نفخة واحدة. والمعنى : ونفخ في الصور نفخة واحدة ثم نفخ فيه أخرى.
(١) الكشاف المرجع السابق والبحر ٧ / ٤٤١ ، وشواذ القرآن ٢٦١. وفي الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ١٥ / ٢٨١ : «وأجاز الكسائي قياما بالنصب كما تقول : خرجت فإذا زيد جالسا».
(٢) وأما «إذا» «فلما يستقبل من الدهر وفيها مجازاة وهي ظرف وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها وذلك قولك : مررت فإذا زيد قائم. الكتاب ٤ / ٢٣٢.
(٣) كذا في النسختين وفي البحر الرياشي. والرّماني هو علي بن عيسى أبو الحسن كان إماما في العربية علامة في الأدب أخذ عن الزجاج وابن السراج وابن دريد. من مصنفاته التفسير ، الحدود الأصغر والأكبر. مات سنة ٣٨٤ ه [بغية الوعاة ٢ / ١٨٠].
(٤) في ب الزمانية.
(٥) نسب البحر المحيط هذا إلى الكوفيين ونسبه الارتشاف إلى البصرة وانظر : البحر المحيط ٧ / ٤٤١ ونقل في الارتشاف أن القائل هو الأخفش انظر : الارتشاف ٥٦٧ والدر المصون ٤ / ٦٦٧.
(٦) هذا الفصل كله إلى أول قوله : «وأشرقت» سقط من نسخة ب.