كائنة لمن أذن له (١). وقدره الزمخشري فقال : تقول الشفاعة لزيد على معنى أنه الشافع كما تقول : الكرم لزيد على معنى أنه المشفوع له كما تقول : القيام لزيد فاحتمل قوله : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) أن يكون على أحد هذين الوجهين أي لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له أو لا تنفع الشّفاعة إلا كائنة لمن أذن له أي لشفيعه أو هي اللام الثانية في قولك : «أذن زيد لعمرو» أي لأجله فكأنه قيل : إلا لمن وقع الإذن للشفيع لأجله وهذا وجه لطيف وهو الوجه. انتهى (٢). فقوله : «الكرم لزيد» يعني أنها ليست (٣) لام العلة بل لام الاختصاص (٤). وقوله : القيام لزيد يعني أنها لام العلة (٥) كما هي في : «القيام لزيد» وقوله : «أذن زيد لعمرو» أن الأولى للتبليغ والثانية لام العلة ، وقرأ الأخوان وأبو عمرو «أذن» مبنيا للمفعول والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور والباقون مبنيا للفاعل أي أذن الله وهو المراد في القراءة الأخرى وقد صرح به في قوله : (إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ) [النجم : ٢٦] و (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ)(٦).
فصل
معنى الآية إلّا لمن أذن الله له في الشفاعة قاله تكذيبا لهم حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ويجوز أن يكون المعنى إلا لمن أذن الله في أن يشفع له (٧).
قوله : (حَتَّى إِذا) هذه غاية لا بدّ لها من مغيّا وفيه أوجه :
أحدها : أن قوله : «فاتّبعوه» على أن يكون الضمير في «عليهم» من قوله : (صَدَّقَ عَلَيْهِمْ) وفي «قلوبهم» عائدا على جميع الكفار ويكون التفريغ حالة مفارقة الحياة أو يجعل اتباعهم إياه مفارقة (٨) إلى يوم القيامة مجازا. والجملة من قوله (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) معترضة بين الغاية والمغيا. ذكره أبو حيان. وهو حسن (٩).
والثاني : أنه محذوف قاله ابن عطية كأنه قيل : ولا هم شفاء كما تحبّون أنتم بل هم عبدة أو مسلمون أي منقادون (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) انتهى (١٠). وجعل الضمير في
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) نقله في الكشاف ٣ / ٢٨٧.
(٣) قاله في الكشاف المرجع السابق ٣ / ٢٨٧.
(٤) وهي التي تفيد أن ما قبلها خاص بما بعدها كقولهم : السّرج للفرس.
(٥) وهي التي تقدر بمعنى لأجل أي ثبوت ما قبلها لأجل ما بعدها. وانظر : البحر المحيط ٧ / ٢٧٧ والدر المصون ٤ / ٤٣٥.
(٦) الآية ١٠٩ من سورة طه و ٣٨ من سورة النبأ.
(٧) قاله البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٩٠.
(٨) في البحر المحيط : «مصاحبة لهم».
(٩) وهذا معنى كلام أبي حيان في البحر ٧ / ٢٧٧.
(١٠) المرجع السابق.