وعبيد بن عمير (١) ، على بنائه للمفعول (٢). وهو منقول بالهمزة من شرقت إذا طلعت ، وليس من أشرقت بمعنى أضاءت لأن ذلك لازم (٣) ، وجعله ابن عطيّة مثل رجع ورجعته ، ووقف ووقفته فيكون أشرق لازما ومتعديا (٤).
فصل
هذه الأرض عرصة القيامة وليست بأرضنا الآن لقوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨] وقوله : (بِنُورِ رَبِّها) أي خالقها يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه ، وقال الحسن والسدي : بنور ربها أي بعدل ربها قال عليه (الصلاة و) السلام : «إنكم سترون ربكم» وقال : «كما لا تضارّون في الشّمس في اليوم الصّحو» ، وقوله : (وَوُضِعَ الْكِتابُ) أي كتاب الأعمال لقوله : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) [الإسراء : ١٣] وقوله : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)(٥) [الكهف : ٤٩] وقيل : المراد بالكتاب اللوح المحفوظ.
وقوله : (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) قال ابن عباس : يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة ، وهم أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال عطاء ومقاتل : يعني الحفظة لقوله تعالى : (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) [ق : ٢١] ، وقيل : أراد بالشهداء (٦) : المستشهدون في سبيل الله.
ثم قال : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) أي بالعدل (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي يزادون في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) أن ثواب ما عملت. واعلم أنه تعالى لما بين أنه يوصل إلى كل أحد حقه عبر عن هذا المعنى بأربع عبارات :
أولها : قوله تعالى : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ)
وثانيها : قوله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
وثالثها : قوله تعالى : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ).
ورابعها : قوله تعالى : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) يعني أنه (إن) (٧) لم يكن عالما بكيفيات أحوالهم فلعله لا يقضي (إلا) (٨) بالحق لأجل عدم العلم أما إذا كان عالما
__________________
(١) ابن قتادة أبو عاصم الليثي المكي القاص وردت عنه الرواية في حروف القرآن عن عمر وأبيّ ، وعنه مجاهد وعطاء وغيرهما مات سنة ٧٤ ه الغاية ١ / ٤٩٧.
(٢) من القراءة الشاذة غير المتواترة فقد رواها في المحتسب ابن جني ٢ / ٢٣٩ و ٢٤٠ وابن خالويه في المختصر ١٣٢.
(٣) هذا هو المفهوم من كلام أبي حيان في البحر ٧ / ٤٤١ وقد قال بذلك السمين في الدر ٤ / ٦٦٧.
(٤) السابقان.
(٥) وانظر ما مضى في تفسير الإمام الرازي ٢٧ / ١٧ و ١٨ و ١٩.
(٦) في ب بالشهيد مفردا.
(٧) لفظ إن سقط من ب.
(٨) زيادة من «أ».