بالشيء من حففت بالشيء إذا أحطت (١) به ، قال :
٤٣١٢ ـ يحفّه جانبا نيق ويتبعه |
|
مثل الزّجاجة لم تكحل من الرّمد (٢) |
وهو مأخوذ من الحفاف وهو الجانب قال :
٤٣١٣ ـ له لحظات عن حفافي سريره |
|
إذا كرّها فيها عقاب ونائل (٣) |
وقال الفراء ـ وتبعه الزمخشري (٤) ـ لا واحد لحافّين وكأنهما (٥) رأيا أن الواحد لا يكون «حافّا» إذ الحفوف هو الإحداق بالشيء والإحاطة به وهذا لا يتحقق إلا في جمع (٦).
فصل
لما ذكر صفة (الثواب) ثواب البشر ذكر عقيبه ثواب الملائكة فكما دار ثواب المتقين هو الجنة فكذلك دار ثواب الملائكة جوانب العرش فقال : (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) أي محدقين محيطين بالعرش بحفافيه أي جوانبه ، قال الليث حفّ القوم بسيّدهم يحفّون حفّا إذا طافوا به (٧).
قوله : (مِنْ حَوْلِ) في «من» وجهان :
أحدهما ، وهو قول الأخفش : أنها مزيدة (٨).
والثاني : أنها للابتداء (٩).
__________________
(١) اللسان «ح ف ف» ٩٣.
(٢) من البسيط للنابغة الذبياني من قصيدة في مدح النعمان والاعتذار إليه. والضمير في «يحفه» راجع إلى سرب الحمام في بيت سابق فيما ذكر من قصة زرقاء اليمامة ، و «يحفه» : يحيط به من كل جوانبه وذلك هو موطن الشاهد في البيت. والنيق : الحبل ويتبعه مثل الزجاجة يقصد أن عينيها صافيتان مثل صفاء الزجاجة وعينها لم يصبها رمد فتكتحل لتشفى منه الديوان ٣٤ والبحر ٧ / ٤٢٧ والمفضليات ٧٢٢ و ٨٧٩.
(٣) من بحر الطويل لابن هرمة واللحظات مفردها لحظة وهي النظرة الخاطفة ، وكرّها أعادها ، والعقاب : العقوبة ونائل : الثواب. والمعنى أن فراسته ترهب الخائنين ويعجل العطاء لمن قصده طالبا فضله. والشاهد في «حفافي سريره» فإن الحفاف هو الجانب. وانظر البيت هو وسابقه في الدر المصون ٤ / ٦٦٩ والبحر ٧ / ٤٢٧ ومفردات الراغب الأصفهاني ١٢٣ والبداية والنهاية ١ / ١٧١٠ وذيل الأمالي والنوادر لأبي علي القالي ٤٠ والديوان ١٦٨.
(٤) كذا نقل الإمام مكي في المشكل ٢ / ٢٦٢ والسمين في الدر ٤ / ٦٦٩ وأبو حيان في البحر ٧ / ٤٤٣ ولم أعثر عليه في كتابيهما معاني القرآن والكشاف ونقله القرطبي في الجامع عن الفراء ١٥ / ٢٨٧.
(٥) في ب وكأنما.
(٦) الدر ٤ / ٦٦٩.
(٧) اللسان خفف ٩٣٠.
(٨) معاني القرآن ٦٧٣.
(٩) البحر ٧ / ٤٤٣ والدر ٤ / ٦٦٩.