مطلقا وقرأ الباقون مبنيا للمفعول (١) والقائم مقام الفاعل الجارّ بعده (٢) ، وفعل بالتشديد معناه السلب هنا نحوه «قرّدت البعير» أي أزلت قرادة كذا هنا أي أزال الفزع عنها أي كشف الفزع وأخرجه عن قلوبهم فالتفزيع لإزالة الفزع كالتّمريض والتّقريد (٣).
وقرأ الحسن فزع مبنيا للمفعول مخففا (٤) كقولك «ذهب (٥) بزيد» (٦) ، والحسن أيضا وقتادة ومجاهد فرّغ مشددا مبنيا للفاعل (٧) من الفراغ وعن الحسن أيضا تخفيف الراء ، وعنه (٨) أيضا وعن ابن عمر وقتادة مبنيا للمفعول (٩) والفراغ الفناء والمعنى حتى إذا أفنى الله الرجل أو انتفى بنفسه أو نفى الوجل والخوف عن قلوبهم فلما بني للمفعول قام الجار مقامه وقرأ ابن مسعود وابن عمر افرنقع من (١٠) الافرنقاع (١١) وهو التفرق قال الزمخشري : والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين كما ركب «اقمطرّ» من حروف القمط مع زيادة الراء (١٢) ، قال أبو حيان : فإن عنى أن العين من حروف الزيادة (وكذا الراء وهو (١٣) ظاهر كلامه فليس بصحيح لأن العين والراء ليسا من حروف الزيادة) وإن عنى أنّ الكلمة فيها حروف ما ذكر وزاد إلى ذلك العين والراء والمادة «فرقع وقمطر» فهو صحيح انتهى (١٤) ، وهذه قراءة مخالفة للشواذ ومع ذلك هي لفظة غريبة ثقيلة اللفظ نص أهل البيان عليها (١٥) ومثلوا بها وحكي عن عيسى (١٦) بن عمر أنه غشي عليه ذات يوم فاجتمع عليه النّظّارة فلما أفاق قال : «ما لي أراكم تكأكأتم عليّ تكأكؤكم على ذي جنّة افرنقعوا عنّي» أي اجتمعتم عليّ اجتماعكم على المجنون تفرقوا عني فعابها الناس عليه حيث استعمل مثل هذه الألفاظ الثقيلة المستغربة ، وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع الحق على أنه خبر مبتدأ مضمر أي قالوا : قوله الحقّ (١٧).
__________________
(١) قالها الفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٦١ كما ذكرت في التبيان ١٠٦٨ والكشف ٢ / ٢٠٥.
(٢) التبيان ١٠٦٨
(٣) الدر المصون ٤ / ٤٣٦ والبحر ٧ / ٢٧٨.
(٤) في «ب» محققا ـ بالقاف ـ وهو خطأ وتحريف.
(٥) في «ب» : ولهت بزيد. وهو غير مراد حيث لم يبن الفعل فيه للمجهول.
(٦) نقلها في الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٢٩٨ والكشاف ٣ / ٢٨٨ والمحتسب ٢ / ١٩١ وهي غير متواترة.
(٧) المراجع السابقة وانظر الإتحاف ٣٦٠ وهي من الأربع عشرة.
(٨) معطوف على : «وعن الحسن».
(٩) انظر : البحر ٧ / ٢٧٩ و ٢٨٠ وتأويل المشكل ٢٠٨ والقرطبي ١٤ / ٢٩٨ و ٢٩٩.
(١٠) من القراءات الشاذة شذوذا واضحا لمخالفتها مصحف الأقطار وذكرها ابن جني في المحتسب ونعتها بالشذوذ. المحتسب ٢ / ١٩٣ وذكرها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٨٨ وابن خالويه في مختصره ١٢٢.
(١١) وهو التحول والتنحي والانكشاف.
(١٢) الكشاف ٣ / ٢٨٨.
(١٣) ما بين القوسين ساقط من «ب».
(١٤) البحر المحيط ٧ / ٢٧٨.
(١٥) الإيضاح للقزويني (٣).
(١٦) قال ابن جني في المحتسب إنه أبو علقمة النحوي.
(١٧) قالها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٨٨ بدون نسبة. وقال الفراء في المعاني : «ولو قرىء الحق بالرفع ـ