في ذلك تبكيت لهم وتوبيخ ولا يريد حقيقة التنزيل (١) بل المعنى الذين هم شركاء لله على زعمكم هم ممن إن أريتموهم افتضحتم لأنه خشب وحجر وغير ذلك (٢).
فصل
الضمير في «به» أي بالله أي أروني الذين ألحقتم بالله شركاء في العبادة معه هل يخلقون وهل يرزقون؟ كلّا لا يخلقون ولا يرزقون (٣).
قوله : (بَلْ هُوَ اللهُ) في هذا الضمير قولان :
أحدهما : أنه ضمير عائد على الله تعالى أي ذلك الذي ألحقتم به شركاء هو الله ، و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) صفتان.
والثاني : أنه ضمير الأمر والشأن و «الله» مبتدأ ، و (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران ، والجملة .. خبر (٤) «هو» والعزيز هو الغالب على أمره ، (و) الحكيم في تدبيره لخلقه فأنى يكون له شريك في ملكه؟
قوله : «كافّة» فيه أوجه :
أحدها : أنه حال من كاف (٥) «أرسلناك» والمعنى إلا جامعا للناس في الإبلاغ. والكافة بمعنى الجامع والهادي لله (٦) للمبالغة كهي في «علّامة» و «راوية» (٧) قال الزجاج : وهذا بناء منه على أنه اسم فاعل من كفّ يكفّ (٨) ، قال أبو حيان : أما قول الزجاج إنّ كافة بمعنى جامعا ، والهاء فيه للمبالغة فإن اللغة لا تساعده على ذلك لأن كف ليس معناه محفوظا بمعنى «جمع». يعني أنّ المحفوظ معناه «منع» يقال : كفّ يكفّ أي منع والمعنى إلا مانعا لهم من الكفر وأن يشذّوا من تبليغك ، ومنه الكف لأنها تمنع ما فيه (٩).
__________________
(١) في البحر «الأمر» لا التنزيل.
(٢) البحر المرجع السابق.
(٣) القرطبي ١٤ / ٣٠٠.
(٤) هذا معنى عبارة الزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٩٠ قال : «كأنه قال أين الذين ألحقتم به شركاء من هذه الصفات وهو راجع إلى الله وحده أو ضمير الشأن».
(٥) قاله في المشكل ٢ / ٢٠٩ والبيان ٢ / ٢٨٠ والمعاني للفراء ٢ / ٣٦٢ والتبيان ١٠٦٩.
(٦) القرطبي ١٤ / ٣٠٠ والبيان ٢ / ٢٨٠ والتبيان ١٠٦٩.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) هذا معنى كلامه في أعراب القرآن له قال : «معنى كافة الإحاطة في اللغة والمعنى أرسلناك للناس جامعا في الإنذار والإبلاغ».
(٩) تكاد التفاسير تجمع على أن كافة بمعنى تمامه فقد قال بذلك ابن قتيبة في الغريب ٣٥٧ ، والزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٩٠ ، وأبو عبيدة في مجاز القرآن ٢ / ١٤٩ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٣٠٠ وزاد المسير لابن الجوزي ٦ / ٥٤٦ والخازن والبغوي ٥ / ٢٩١ و ٢٩٢ والفخر الرازي في تفسيره ٢٥ / ٢٥٨.