التعظيم يعني على إضمار مبتدأ وهو الذي يسمى القطع (١) ، وسيأتي هذا قريبا ، وقرأ ابن أبي عبلة واليزيديّ ميعاد يوما بتنوين الأول ونصب «يوما» (٢) منونا وفيه وجهان :
أحدهما : أنه منصوب على الظرف والعامل فيه مضاف مقدر تقديره : لكم إنجاز وعد في يوم صفته كيت وكيت.
الثاني : أن ينتصب بإضمار فعل. قال الزمخشري : وأما نصب «اليوم» فعلى التعظيم بإضمار فعل تقديره أعني يوما ، ويجوز أن يكون الرفع على هذا أعني التعظيم (٣). وقرأ عيسى (٤) بتنوين الأول ونصب «يوم» مضافا للجملة بعده (٥). وفيه الوجهان المتقدمان النّصب على التعظيم أو الظّرف.
قوله : (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ) يجوز في هذه الجملة أن تكون صفة «لميعاد» إن عاد الضمير في «عنه» عليه أو «ليوم» إن عاد الضمير في «عنه» عليه فيجوز أن يحكم على موضعها بالرفع أو الجر وأما على قراءة عيسى فينبغي أن يعود الضمير في «عنه» على «ميعاد» لأنهم نصّوا على أنّ الظّرف إذا أضيف إلى جملة لم يعد منها إليه ضمير (٦) إلّا في ضرورة كقوله :
٤١٣٨ ـ مضت سنة لعام ولدت فيه |
|
وعشر بعد ذاك وحجّتان (٧) |
فصل
تقدم الكلام في سورة الأعراف أن قوله : (لا يَسْتَأْخِرُونَ) [الأعراف : ٣٤] يوجب الإنذار لأن معناه عدم المهلة عن الأجل ولكن الاستقدام ما وجهه؟ وقد تقدم ، ونذكر ههنا أنهم لما طلبوا الاستعجال بين أنه لا استعجال فيه كما أنه لا إمهال وهذا يفيد عظم الأمر ، وخطر الخطب ؛ لأن الأمر الحقير إذا طلبه طالب من غيره لا يؤخره ولا يوقفه
__________________
(١) قال : «ويجوز أن يكون الرفع على هذا أعني التعظيم» انظر : الكشاف ٣ / ٢٩٠.
(٢) من القراءات الشواذ غير المتواترة قال بها ابن خالويه في المختصر ١٢٢ والفراء في معانيه ٢ / ٣٦٢ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٨١.
(٣) الكشاف المرجع السابق.
(٤) المراد به عيسى البصري ابن عمر الثّقفيّ.
(٥) البحر ٧ / ٢٨٢ والدر المصون ٤ / ٤٤٤ و ٤٤٥ وانظر : مشكل الأعراب لمكّيّ ٢ / ١٢٠ وبيان ابن الأنباري ٢ / ٢٨١.
(٦) قال مكي في المشكل : «ولا يجوز إضافة يوم إلى ما بعده إذا جعلت الهاء ليوم لأنك تضيف الشيء إلى نفسه وهو اليوم تضيفه إلى جملة فيها هاء هي اليوم فتكون قد أضفت اليوم إلى الهاء وهو هي» المشكل ٢ / ١٢٠ ونفس الأمر قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٨١.
(٧) من تام الوافر وينسب للنمر بن تولب والصحيح أن البيت للنابغة الجعدي ويروى «مائة» بدل سنة.
وشاهده : عود الضمير في (فيه) على عام المضاف إلى جملة وتلك ضرورة شعرية لا نثرية. وقد تقدم.